السبت, 07 تموز/يوليو 2018 20:16

الثقافة وأولويات التنمية

الثقافة وأولويات التنمية

 بقلم الأستاذ/ محمد ادروب محمد 
عضو جمعية الثقافة البجاوية     

الورقة أعدت لتقدم في مؤتمر المانحين لشرق السودان الذي عقد في الكويت في ديسمبر 2010 - بتصرف

في بعض مراحل التاريخ تكون اليقظة الثقافية من أهم أسباب النزاعات، لأنها تدفع الناس في بداية مراحل تلك النزاعات للبحث عن ملجأ يلجأون إليه ويتقوون به، ويكون خيارهم الوحيد هو إعادة اصطفافهم على الهوية الثقافية والبحث عن الذات لتحقيق آمالهم عبر هذه الهوية وبشتى الوسائل والأساليب. ومهما كانت الأسباب وراء تلك الخلافات، فإن الطريق الوحيد لمغادرة هذة الاشكالية نهائيا، اشكالية الاصطفاف على الهوية الثقافية، هو نشر الثقافة الواعية، المتسامحة، المنفتحة والمتقبلة للآخر الثقافي. وكل ذلك يتأتى عن طريق ربط الثقافة بالسلام، بالديموقراطية وبالتنمية. 
والورقة، وفي اطار المقاصد والاهداف التنموية لهذا المؤتمر، تثير قضية ارتباط الثقافة بالتنمية في عالم اليوم، وتركز على أنه لا فكاك من معرفة ثقافة المجموعة المستهدفة بغرض تلمس احتياجاتها فيما تعلق بالتنمية. وترى الورقة ان التنمية التي لا تقوم على دراية تامة بعادات وتقاليد ومعتقدات واعراف ولغة المجموعة المعنية [= ثقافتها]، إن تلك التنمية لن تعدو ان تكون شعارا معلقا في الهواء، والراجح انها لن تحقق ما يرجى منها تحقيقه. ونرى أن الإلمام بذلك سيمكن من معرفة المقومات المطلوبة لابتداع اكثر الوسائل فعالية في فرضيات التنمية وتوقعاتها ووسائل العلاج، بغرض تحقيق اقصى مردود من التنمية من حيث ملائمتها من جهة ومن حيث وتائرها من الجهة الأخرى، ومن ثم تحقيق التنمية المرجوة كهدف نهائي. 
في مؤتمر اليونسكو في إيطاليا، 
Venise سنة 1970 ، قال René Maheu مدير اليونسكو العام: (إبتداء من اليوم، حتى علماء الاقتصاد يقرّون بأنّ التنمية إما أن تكون شاملة أو لا تكون. فلم يعد من باب الصدفة أو الاستعارة أن نتكلّم عن التنمية الثقافية "كعامل مهم من عوامل التنمية الشاملة")(1)
لقد حسم العالم أمرة فيما يتعلق بأمر علاقة التنمية والثقافة، ووضع الثقافة تحت مجهر اهتمامه، وألقي الضوء صراحة على العلاقة بين الثقافة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. 
فالبشر عقول تفكر، عقول تعج بأفكار ومعتقدات ومشاعر وتطلّعات؛ والبشر، وبطبيعتهم أيضا، جسد له الكثير من الإحتياجات. والبشر هم الذين يعملون وينفذون التنمية. وهذا كلّه يشكل عوامل حاسمة في عملية تسيير التنمية وتوجهها في هذا الاتجاه أو المجال أو ذاك. لقد اعتبر الاقتصادي الياباني الشهير بوشيهارا كيونيو (أنّ أحد أسباب تطور بلاده هو أنها تملك ثقافة مناسبة لذلك)(2). والقضية لم تعد، فقط، تحسين ظروف المعيشة وزيادة المداخيل. هذه قضية مهمة ولا شك، غير أن المطلوب هو تحسين مستمر لنوعية الحياة نفسها في ثلاثة أقطاب: إتاحة ظروف ملائمة للفرد أو للجماعة للتعبير عن دواخلها، العمل على اشباع الناس في الحصول على معارف جديدة، ثم تهيئة المناخ الملائم للتفاعل الايجابي. 
وهكذا أضحت الثقافة إحدى المعطيات الرئيسة، بل الأساس، لكل سياسة تنموية، إجتماعية كانت أم إقتصادية جادة. 
ويبدو إن العلاقة بين التنمية والثقافة علاقة متشعبة للغاية، لذلك فإننا ما لم نؤسس سياقا لجدل الثقافة والتنمية، فإننا لن نحقق ما نرجوه من تنمية بمعناها الواسع. لن نحقق ذلك لأننا بتوجهنا هذا نهمل عوامل مهمة. 
اننا بذلك نسقط عامل تحفيز الناس ورفع روحهم المعنوية للاندفاع القصدي والمشاركة الحية في انجاز التنمية، وتقديم ما هو عام على ما هو ذاتي، وما هو وطني على ماهو شخصي. إن اعتبار أن الغاية من التنمية هو تحقيق الرفاه الاقتصادي وتحسين الظروف المادية للناس لا يلزم، بالضرورة، تحسن في المستوى الفكري والأخلاقي للمجتمع. 
إلى جانب ذلك نحن نسقط عاملا آخر وهو العمل على إتاحة الفرصة لتوظيف الموروث الثقافي في المنطقة. أن المحافظة على التنوع الثقافي والتعدد اللغوي تشكل عاملا مهما من عوامل الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي. والاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي قيمتان يجب السعي نحو تحقيقهما لذاتهما، وكما نرى فأن الأمم المتحضرة تجتهد غاية اجتهادها لتحقيقهما. 
من ناحية اخرى فإننا سنهمل الخصوصيات الثقافية واللغوية والدور الذي يمكن ان تلعبه. وهي لا شك أدوات فعالة لحشد الناس من أجل التنمية. فتوظيف الخصوصيات الثقافية واللغوية من العوامل المساعدة على إشراك أكبر عدد ممكن من الطاقات في جهود التنمية. 
وفي حالة شرق السودان، فإن الموروث الثقافي الشعبي يشكل، وبحق، رأسمالاً هاما جدا ومحتملاً للاستثمار. وكما هو معروف فإن الثقافة الشعبية تشكل أحد مصادر العمل الأساسية، ومصدراً لتحقيق مداخيل للعملات الصعبة في عدد كبير من دول العالم. وحتى تقوم ثقافتنا الشعبية بدورها، تتعين رعايتها، وتسويقها محليا ودوليا، والحرص على عدم تشويهها بالشكل الذي نلاحظه اليوم، باعتبارها، فقط، الزي الذي تتزيا به مجموعة ما أو طريقة تصفيف الشعر أو الرقص أو الغناء. الثقافة هي طريقة حياة وتصور متكامل للكون. وفي إطار اعتبار الثقافة عاملاً من عوامل التنمية، يقوم التراث الثقافي والثقافة المادية بدور مهم في إنعاش وتنمية القطاع السياحي، ويمكن ان نحقق منه مشروعا للسياحة الثقافية التي باتت تشكل أحد القطاعات الاقتصادية الحيوية في كثير من بلدان العالم. 
وفي السياق نفسه، لابد من استثمار التعدد الثقافي لخلق نماذج تنموية جديدة تستصحب الخصوصيات المحلية وتوظف إمكانات تلك الخصوصيات. وهنا تجب الإشارة إلى أن صيانة الهوية الثقافية للأفراد والجماعات لهي من العوامل المساعدة على تصاعد الإنتاجية لما لها من انعكاس مباشر على الشخصية وتوازنها، وعلى تماسك المجتمع؛ وإذا لم ننجح في ذلك، فإنه الاحساس بفقدان للهوية، ومشاكل نفسية واضطرابات سلوكية من شعور بالدونية وعدوانية... وجميع أنواع السلوك الانصرافي، الأمر الذي سيؤدي إلى انتشار اللامبالاة وسيؤثر مباشرة، وبشكل سلبي على سلوكنا الاقتصادي. 
غير أنه، وبقدر ما كان ذلك كله صحيحاً، وفيما ترى الورقة، فإن أمر هذا التنوع عندنا يحتاج الى تأكيده الصارم، ويحتاج إلى تأطيره في شكل تدابير واجراءات محددة. تدابير واجراءات تبين، ليس فقط مدى معرفتنا بذلك التنوع وذلك التعدد، بل وتدعم ذلك كله في مجمل مفردات وتفاصيل ذلك التنوع. 
هذا التنوع عندنا يحتاج لتدابير وإجراءات على مستوى التشريعات ذات العلاقة برعاية الثقافة وعلى مستوى الدعم المادي للنشاط الثقافي. تشريعات تحض على نشر التسامح والانفتاح من ناحية، ومن الناحية الأخرى تسعى لزيادة المكون المخصص للتنمية الثقافية في الموازنات الحكومية من المال العام، وعلى شكل ميزانيات سنوية محددة تدعم المراكز والتجمعات التي تعمل في مجال الثقافة، وبالقدر الذي يرسي الظروف التي يحتاجها مثل هذا النشاط. وأقل الناس معرفة بمثل هذا النشاط يدرك كم هو مكلف، وأنه يحتاج لتضافر جهود الدولة والأفراد والجماعات. 
إلى جانب العمل على المحافظة على الثقافة، فإن من أهداف جمعية الثقافة البجاوية(3) تعريف الآخر الثقافي بتلك الثقافة، والسعى لبناء تفاهم ثقافي سداه تبادل المعارف حول تفاصيل هذا التنوع الذي نعيشه والذي دار النقاش حوله طويلا على المستوى النظري. ولعل المؤتمر يشكل مناسبة مثلى لطرح بعض المعارف حول البجا. ونهدف من ذلك، أيضا، إلى تبيان الكم الذي ينتظرنا من العمل فيما يتعلق بهذه الثقافة. 
خلاصة الورقة 
لعل الورقة قد اسهمت في تعريف المؤتمر بواحدة من اقدم واعرق المجموعات السكانية في المنطقة. 
ولعلها قد وضحت خارطة طريق كمخرج من الإحتقانات الثقافية الموجودة في المنطقة. وبغض النظر عن تلك الاحتقانات أو مسبباتها، وكما سلف، فإن نشر ثقافة واعية، متسامحة، منفتحة ومتقبلة للآخر الثقافي يهدئ من اوار هذه الخلافات، ويحقق تعايشا سلميا يستحقه انسان المنطقة من ناحية، ومن الناحية الأخرى نحن مسؤولون عن التبشير به وجعله واقعا. ونحن نسعى وبجدية لدق أبواب التفاهم الثقافي منطلقين من ثقة بالنفس مبنية على معرفة واعية بتفاصيل ثقافتنا، ونسعى، وفي ذات الوقت، للإبتعاد عن التأسي بتوهم مؤامرة/ مؤامرات مسبقة. 
والبشر في معاشهم تواقون لتحسين ظروف حياتهم، وإننا وبربط الثقافة بالسلام، بالديموقراطية وبالتنمية نحقق الجانب المكمل للتعايش السلمي بين مكونات المجتمع. 
وموارد هذه المنطقة كبيرة، واذا استصحبنا هذه المفاهيم فان ذلك لكفيل بأن يمكننا من وضع خطط تنموية فرضياتها واقعية وتوقعاتها ممكنة التحقيق. ويمكننا، أيضا، ان نحفز الناس للتدافع في المشاركة في انجاز ما يحلمون به، وان نحقق سلما اجتماعيا يمكننا من استثمار الخصوصيات الثقافية والموروث الثقافي. ولنتلفت في العالم من حولنا، فالعاقل من اتعظ بغيره، وما سنجده هو أن واقع الحال فيه هو أن التعدد الثقافي نعمة أينما كان وحيثما تمت ادارته بوعي، ويمكننا توظيف ذلك كله هنا لشحذ الافكار وابتداع انماط تنموية نسيجها هذا التنوع. 
ومن عرضنا للمادة تتضح كم هي ملحة قضية كتابة لغة البذاويت بغرض التعرف على مقوماتها وانسابها اللغوية من ناحية، ومن ناحية اخرى بغرض الحفاظ على تراث وتاريخ أهلها وثقافتهم(4)، ولنشر كل ذلك والتعريف بهذه الثقافة من ناحية ثالثة، لأنه وبالرغم من قدم هذه القبائل، إلا أن عدم كتابة لغتهم التي حملت ثقافتهم جعلهم أمه مهددة بالاندثار بانقراض لغتهم وبالتالي ثقافتهم وتاريخهم. 
ونرى أن ذلك سيتم أول ما يتم بكتابة اللغة، ومن ثم بإدخالها في مناهج التعليم الابتدائي، أو غيره، للناطقين بها ولمن أراد أن يتعلمها من الآخرين. 
وفيما يتعلق بتاريخ البذاويت، وبالرغم من الاختلافات التي وضحناها، الا ان الواضح هو انه، إذا توفر المجهود، فإن كل المقومات المطلوبة لإلقاء نظرة متفحصة على ذلك التاريخ متوفرة ضمن محمولات ثقافة البذاويت: معتقداتهم ولغتهم واعرافهم وتقاليدهم.. وربما وفر ذلك قراءات مختلفة لمجمل تاريخ المنطقة، خاصة بملاحظة ما اورده لبسيوس ودكتور هيس وسير وليلاز بدج عن اعتقادهما بعلاقة بينها وبين النوبية، ومن ان "تعلم لغة البجا في شرق السودان هي افضل طريقة لتعلم اللغة المصرية القديمة"(5)
في النهاية.. لعله قد صار معلوما ما يقوله رجال التربية من أن من أهم أسباب الفاقد التربوي في التعليم في السودان هو قضية اللغة. واننا هنا لنناشد المؤتمر ان يتبني فكرة "اللغات المحلية وتعلم القراءة والكتابة"(6)
إن فكرة "اللغات المحلية وتعلم القراءة والكتابة" مستوحاة من ممارسة قد تمت فعليا في بابوا نيو غيني، وهي جزيرة صغيرة في المحيط الهادي وبها اكثر من 800لغة. لقد صُمم برنامج للتعليم قبل المدرسي بناء على طلب وزارة التربية لتزويد الأطفال بتعليم أساسي بلغتهم الأم لمدة سنتين قبل التحاقهم بالمدرسة الابتدائية. إنها صيغة رابحة كما خلص الخبراء.. إذ يبدأ الأطفال مرحلة تعلم القراءة والكتابة بلغتهم الأم، ويستكشفون التقاليد القديمة ويطورون إحساسهم بالانتماء. وقد لاحظ الخبراء أن الأطفال يحرزون في الوقت ذاته التقدم الإدراكي والعلمي الضروري للدراسة. وعندما يبلغون المرحلة الابتدائية ومع البدء بتعلّم اللغة الإنكليزية، يشعرون بسهولة استخدام المهارات الأساسية التي امتلكوها في التعليم قبل المدرسي لاستيعاب الإنكليزية بسرعة أكبر. 
وفي الختام، ومن على منبر المؤتمر هذا نتقدم بهذا النداء للمؤتمرين آملين أن يعملوا على بث المزيد من الاهتمام بهذه الثقافة فذلك جزء في غاية الأهمية في أية مقاصد تنموية للمنطقة وإنسانها، وأن يجد مجهودنا في هذا المجال تفهما اولا، ومن ثم التضامن والدعم.

 هوامش

 (1موقع الجيش اللبناني على الانترنت: http://www.lebarmy.gov.lb/article.asp?ln=ar&id=1301 
(2) الثقافة والتنمية الاقتصادية، لورانس إي. هاريسون- موقع مركز الكوثر-
http://www.siironline.org/alabwab/moghavama_alfaghr/023.html - 19/5/2010
(3) تأسست "الجمعية الدولية لدراسات الثقافة البجاوية" في 26 ابريل 1996 في القاهرة في اطار عمل طوعي يهتم بثقافة البجا- راجع الأوراق التأسيسية للجمعية في موقعنا على الانترنت:
www.bejaculture.org 
(4) يدور نقاش الآن حول تحريف اللغة. ونعتقد ان هذا النقاش لايفيد. نحن في الجمعية نقترح كتابتها بالحرف العربي، ووضحنا أن اختيارنا هذا مبني على دراية بواقع المنطقة. فالأمية نسبتها عالية جدا فيها، والقلة التي تعرف القراءة والكتابة يعرفون ذلك بالحرف العربي، وهم هؤلاء الذين انتهى تعليمهم بالدراسة في خلاوي تحفيظ القران وأولائك الذين درسوا المرحلة الابتدائية او المتوسطة وتسربوا من فصول التعليم لظروف خاصة. ونرى اننا إذا كنا نهدف من كتابة اللغة نشرها والمحافظة عليها، فإن الكتابة للعدد الأكبر توفر الاحتمال الاكبر لذلك. وهناك من يرى تحريفها بالحرف اللاتيني، ولا شك ان وراء ذلك مسببات. وما نعتقده في محصلة هذا الحوار هو صحيح ان الافضل هو توحيد الجهود، ولكننا نعتقد أن اللغة لن يضيرها شيء أن تكتب بأكثر من حرف. 
(5) الانترنت:
http://members.tripod.com/kekaitiare/beja.htm- ‏19‏ اكتوبر‏، 2002.
(6) 
http://typo38.unesco.org/ar/cour-10-2006/cour-10-2006-7.html.

 

151449 تعليقات

  • تعليق Elroy الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:06 مشارك من قبل Elroy

    No, I'm not particularly sporty http://eleanorschnarr.com/diclofenac-rezeptfrei-bestellen-ekud diclofenac dosering kind BOSTON — The Tigers' Anibal Sanchez had the kind of night every pitcher dreams of, shutting out the Red Sox without allowing a hit and tying a 105-year-old record in Game 1 of the American League Championship Series at Fenway Park.

  • تعليق Wilton الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Wilton

    How many weeks' holiday a year are there? https://maichaulodge.com/is-it-safe-to-give-dogs-paracetamol-ghcm butilhioscina paracetamol para q sirve But curator Matthew Gale has come up at least a partial solution to the problem in Tate Modern’s glorious survey 'Paul Klee: Making Visible.’ By constructing a series of intimate rooms at the beginning of the show, and then hanging the pictures far apart he encourages us to look with concentration at one work at a time. Though the later galleries are larger in scale, by the time we get to them we have picked up the knack of how to treat Klee’s art. The austere hang results in by far the most beautiful installation of this elusive artist’s work any of us are ever likely to see.

  • تعليق Andres الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Andres

    Do you play any instruments? https://quimeracol.com/ciprofloxacin-hexal-500-mg-fass-mnjk.pdf ciprofloxacino sin receta medica With U.S. troops set to depart the country in 2014, the Taliban, which remains opposed to the very existence of the new Afghan government, has little reason to negotiate in good faith. What's worse, the Obama administration's eagerness to hold talks is giving the extremist group time and space to prepare for a resurgence after U.S. troops withdraw next year.

  • تعليق Lenard الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Lenard

    Where are you calling from? https://nagamas.co.id/xylocaine-2-gel-30g-eosc xylocaine spray online uk In London, Russian painter Wassily Kandinsky's expressionist masterpiece "Studie zu Improvisation 3, 1909" was the top highlight of the Impressionist and modern art sales in June, falling just short of the artist's $23 million record when it sold for $21 million.

  • تعليق Norbert الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Norbert

    I'll put her on https://maichaulodge.com/bijsluiter-metoprolol-ret-50-mg-mylan-ekud metoprolol xl 50 mg However, women who exercised were more likely to report that they slept better than women in the usual activity group. They also had a greater reduction in depression symptoms, but any differences were small.

  • تعليق Jessie الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Jessie

    I work here https://fisgadabruta.com.br/apa-guna-ibuprofen-400-mg-rvyy diclofenac 75 mg vs ibuprofen 600 More than one-third of the Egyptians who work for wages  that is, who are not peasant farmers  work for government in one way or another. Since the 1950s, the Egyptian government has used state employment as a social welfare program, multiplying especially civil service jobs in order to create appropriately dignified work for its over-abundant university graduates. But those state opportunities are more and more limited and the constant political turmoil turns away private investment.

  • تعليق Brooke الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Brooke

    Will I have to work shifts? https://www.opiniondelpueblo.cl/spiriva-patient-assistance-medicare-part-d-fwdd spiriva respimat coupon 2.5 "What started out as an intended parody account of DCculture developed over time into a series of inappropriate andmean-spirited comments. I bear complete responsibility for thisaffair and I sincerely apologize to everyone I insulted," Josephsaid in an email to Politico.

  • تعليق Oscar الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Oscar

    How many are there in a book? http://www.uasmfg.com/paracetamol-infant-farmacia-tei-mnjk formulasi sediaan tablet paracetamol "The court concludes that the [Federal Reserve] Board has clearly disregarded Congress' statutory intent by inappropriately inflating all debit-card transaction fees by billions of dollars," Leon wrote.

  • تعليق Jerome الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Jerome

    I'm sorry, she's https://steraup.com.br/bactroban-pomad-fiyat-2020-ekud.pdf bactroban creme bula A British source with knowledge of the security services said GCHQ had no powers to seize material from the Guardian, but could have accused the newspaper of possessing stolen materials and demanded they be destroyed.

  • تعليق Richie الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Richie

    Who's calling? http://quranbiblestudycommentary.com/us-viagra-cazf viagra china di tangerang The Observatory said the fighting in Tel Abyad started when the local ISIS brigade asked Kurdish Front forces, which have fought with the rebels against Assad, to pledge their allegiance to Abu Musaab, which they refused.

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة