الثقافة وأولويات التنمية
الثقافة وأولويات التنمية
بقلم الأستاذ/ محمد ادروب محمد
عضو جمعية الثقافة البجاوية
الورقة أعدت لتقدم في مؤتمر المانحين لشرق السودان الذي عقد في الكويت في ديسمبر 2010 - بتصرف
في بعض مراحل التاريخ تكون اليقظة الثقافية من أهم أسباب النزاعات، لأنها تدفع الناس في بداية مراحل تلك النزاعات للبحث عن ملجأ يلجأون إليه ويتقوون به، ويكون خيارهم الوحيد هو إعادة اصطفافهم على الهوية الثقافية والبحث عن الذات لتحقيق آمالهم عبر هذه الهوية وبشتى الوسائل والأساليب. ومهما كانت الأسباب وراء تلك الخلافات، فإن الطريق الوحيد لمغادرة هذة الاشكالية نهائيا، اشكالية الاصطفاف على الهوية الثقافية، هو نشر الثقافة الواعية، المتسامحة، المنفتحة والمتقبلة للآخر الثقافي. وكل ذلك يتأتى عن طريق ربط الثقافة بالسلام، بالديموقراطية وبالتنمية.
والورقة، وفي اطار المقاصد والاهداف التنموية لهذا المؤتمر، تثير قضية ارتباط الثقافة بالتنمية في عالم اليوم، وتركز على أنه لا فكاك من معرفة ثقافة المجموعة المستهدفة بغرض تلمس احتياجاتها فيما تعلق بالتنمية. وترى الورقة ان التنمية التي لا تقوم على دراية تامة بعادات وتقاليد ومعتقدات واعراف ولغة المجموعة المعنية [= ثقافتها]، إن تلك التنمية لن تعدو ان تكون شعارا معلقا في الهواء، والراجح انها لن تحقق ما يرجى منها تحقيقه. ونرى أن الإلمام بذلك سيمكن من معرفة المقومات المطلوبة لابتداع اكثر الوسائل فعالية في فرضيات التنمية وتوقعاتها ووسائل العلاج، بغرض تحقيق اقصى مردود من التنمية من حيث ملائمتها من جهة ومن حيث وتائرها من الجهة الأخرى، ومن ثم تحقيق التنمية المرجوة كهدف نهائي.
في مؤتمر اليونسكو في إيطاليا، Venise سنة 1970 ، قال René Maheu مدير اليونسكو العام: (إبتداء من اليوم، حتى علماء الاقتصاد يقرّون بأنّ التنمية إما أن تكون شاملة أو لا تكون. فلم يعد من باب الصدفة أو الاستعارة أن نتكلّم عن التنمية الثقافية "كعامل مهم من عوامل التنمية الشاملة")(1).
لقد حسم العالم أمرة فيما يتعلق بأمر علاقة التنمية والثقافة، ووضع الثقافة تحت مجهر اهتمامه، وألقي الضوء صراحة على العلاقة بين الثقافة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
فالبشر عقول تفكر، عقول تعج بأفكار ومعتقدات ومشاعر وتطلّعات؛ والبشر، وبطبيعتهم أيضا، جسد له الكثير من الإحتياجات. والبشر هم الذين يعملون وينفذون التنمية. وهذا كلّه يشكل عوامل حاسمة في عملية تسيير التنمية وتوجهها في هذا الاتجاه أو المجال أو ذاك. لقد اعتبر الاقتصادي الياباني الشهير بوشيهارا كيونيو (أنّ أحد أسباب تطور بلاده هو أنها تملك ثقافة مناسبة لذلك)(2). والقضية لم تعد، فقط، تحسين ظروف المعيشة وزيادة المداخيل. هذه قضية مهمة ولا شك، غير أن المطلوب هو تحسين مستمر لنوعية الحياة نفسها في ثلاثة أقطاب: إتاحة ظروف ملائمة للفرد أو للجماعة للتعبير عن دواخلها، العمل على اشباع الناس في الحصول على معارف جديدة، ثم تهيئة المناخ الملائم للتفاعل الايجابي.
وهكذا أضحت الثقافة إحدى المعطيات الرئيسة، بل الأساس، لكل سياسة تنموية، إجتماعية كانت أم إقتصادية جادة.
ويبدو إن العلاقة بين التنمية والثقافة علاقة متشعبة للغاية، لذلك فإننا ما لم نؤسس سياقا لجدل الثقافة والتنمية، فإننا لن نحقق ما نرجوه من تنمية بمعناها الواسع. لن نحقق ذلك لأننا بتوجهنا هذا نهمل عوامل مهمة.
اننا بذلك نسقط عامل تحفيز الناس ورفع روحهم المعنوية للاندفاع القصدي والمشاركة الحية في انجاز التنمية، وتقديم ما هو عام على ما هو ذاتي، وما هو وطني على ماهو شخصي. إن اعتبار أن الغاية من التنمية هو تحقيق الرفاه الاقتصادي وتحسين الظروف المادية للناس لا يلزم، بالضرورة، تحسن في المستوى الفكري والأخلاقي للمجتمع.
إلى جانب ذلك نحن نسقط عاملا آخر وهو العمل على إتاحة الفرصة لتوظيف الموروث الثقافي في المنطقة. أن المحافظة على التنوع الثقافي والتعدد اللغوي تشكل عاملا مهما من عوامل الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي. والاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي قيمتان يجب السعي نحو تحقيقهما لذاتهما، وكما نرى فأن الأمم المتحضرة تجتهد غاية اجتهادها لتحقيقهما.
من ناحية اخرى فإننا سنهمل الخصوصيات الثقافية واللغوية والدور الذي يمكن ان تلعبه. وهي لا شك أدوات فعالة لحشد الناس من أجل التنمية. فتوظيف الخصوصيات الثقافية واللغوية من العوامل المساعدة على إشراك أكبر عدد ممكن من الطاقات في جهود التنمية.
وفي حالة شرق السودان، فإن الموروث الثقافي الشعبي يشكل، وبحق، رأسمالاً هاما جدا ومحتملاً للاستثمار. وكما هو معروف فإن الثقافة الشعبية تشكل أحد مصادر العمل الأساسية، ومصدراً لتحقيق مداخيل للعملات الصعبة في عدد كبير من دول العالم. وحتى تقوم ثقافتنا الشعبية بدورها، تتعين رعايتها، وتسويقها محليا ودوليا، والحرص على عدم تشويهها بالشكل الذي نلاحظه اليوم، باعتبارها، فقط، الزي الذي تتزيا به مجموعة ما أو طريقة تصفيف الشعر أو الرقص أو الغناء. الثقافة هي طريقة حياة وتصور متكامل للكون. وفي إطار اعتبار الثقافة عاملاً من عوامل التنمية، يقوم التراث الثقافي والثقافة المادية بدور مهم في إنعاش وتنمية القطاع السياحي، ويمكن ان نحقق منه مشروعا للسياحة الثقافية التي باتت تشكل أحد القطاعات الاقتصادية الحيوية في كثير من بلدان العالم.
وفي السياق نفسه، لابد من استثمار التعدد الثقافي لخلق نماذج تنموية جديدة تستصحب الخصوصيات المحلية وتوظف إمكانات تلك الخصوصيات. وهنا تجب الإشارة إلى أن صيانة الهوية الثقافية للأفراد والجماعات لهي من العوامل المساعدة على تصاعد الإنتاجية لما لها من انعكاس مباشر على الشخصية وتوازنها، وعلى تماسك المجتمع؛ وإذا لم ننجح في ذلك، فإنه الاحساس بفقدان للهوية، ومشاكل نفسية واضطرابات سلوكية من شعور بالدونية وعدوانية... وجميع أنواع السلوك الانصرافي، الأمر الذي سيؤدي إلى انتشار اللامبالاة وسيؤثر مباشرة، وبشكل سلبي على سلوكنا الاقتصادي.
غير أنه، وبقدر ما كان ذلك كله صحيحاً، وفيما ترى الورقة، فإن أمر هذا التنوع عندنا يحتاج الى تأكيده الصارم، ويحتاج إلى تأطيره في شكل تدابير واجراءات محددة. تدابير واجراءات تبين، ليس فقط مدى معرفتنا بذلك التنوع وذلك التعدد، بل وتدعم ذلك كله في مجمل مفردات وتفاصيل ذلك التنوع.
هذا التنوع عندنا يحتاج لتدابير وإجراءات على مستوى التشريعات ذات العلاقة برعاية الثقافة وعلى مستوى الدعم المادي للنشاط الثقافي. تشريعات تحض على نشر التسامح والانفتاح من ناحية، ومن الناحية الأخرى تسعى لزيادة المكون المخصص للتنمية الثقافية في الموازنات الحكومية من المال العام، وعلى شكل ميزانيات سنوية محددة تدعم المراكز والتجمعات التي تعمل في مجال الثقافة، وبالقدر الذي يرسي الظروف التي يحتاجها مثل هذا النشاط. وأقل الناس معرفة بمثل هذا النشاط يدرك كم هو مكلف، وأنه يحتاج لتضافر جهود الدولة والأفراد والجماعات.
إلى جانب العمل على المحافظة على الثقافة، فإن من أهداف جمعية الثقافة البجاوية(3) تعريف الآخر الثقافي بتلك الثقافة، والسعى لبناء تفاهم ثقافي سداه تبادل المعارف حول تفاصيل هذا التنوع الذي نعيشه والذي دار النقاش حوله طويلا على المستوى النظري. ولعل المؤتمر يشكل مناسبة مثلى لطرح بعض المعارف حول البجا. ونهدف من ذلك، أيضا، إلى تبيان الكم الذي ينتظرنا من العمل فيما يتعلق بهذه الثقافة.
خلاصة الورقة
لعل الورقة قد اسهمت في تعريف المؤتمر بواحدة من اقدم واعرق المجموعات السكانية في المنطقة.
ولعلها قد وضحت خارطة طريق كمخرج من الإحتقانات الثقافية الموجودة في المنطقة. وبغض النظر عن تلك الاحتقانات أو مسبباتها، وكما سلف، فإن نشر ثقافة واعية، متسامحة، منفتحة ومتقبلة للآخر الثقافي يهدئ من اوار هذه الخلافات، ويحقق تعايشا سلميا يستحقه انسان المنطقة من ناحية، ومن الناحية الأخرى نحن مسؤولون عن التبشير به وجعله واقعا. ونحن نسعى وبجدية لدق أبواب التفاهم الثقافي منطلقين من ثقة بالنفس مبنية على معرفة واعية بتفاصيل ثقافتنا، ونسعى، وفي ذات الوقت، للإبتعاد عن التأسي بتوهم مؤامرة/ مؤامرات مسبقة.
والبشر في معاشهم تواقون لتحسين ظروف حياتهم، وإننا وبربط الثقافة بالسلام، بالديموقراطية وبالتنمية نحقق الجانب المكمل للتعايش السلمي بين مكونات المجتمع.
وموارد هذه المنطقة كبيرة، واذا استصحبنا هذه المفاهيم فان ذلك لكفيل بأن يمكننا من وضع خطط تنموية فرضياتها واقعية وتوقعاتها ممكنة التحقيق. ويمكننا، أيضا، ان نحفز الناس للتدافع في المشاركة في انجاز ما يحلمون به، وان نحقق سلما اجتماعيا يمكننا من استثمار الخصوصيات الثقافية والموروث الثقافي. ولنتلفت في العالم من حولنا، فالعاقل من اتعظ بغيره، وما سنجده هو أن واقع الحال فيه هو أن التعدد الثقافي نعمة أينما كان وحيثما تمت ادارته بوعي، ويمكننا توظيف ذلك كله هنا لشحذ الافكار وابتداع انماط تنموية نسيجها هذا التنوع.
ومن عرضنا للمادة تتضح كم هي ملحة قضية كتابة لغة البذاويت بغرض التعرف على مقوماتها وانسابها اللغوية من ناحية، ومن ناحية اخرى بغرض الحفاظ على تراث وتاريخ أهلها وثقافتهم(4)، ولنشر كل ذلك والتعريف بهذه الثقافة من ناحية ثالثة، لأنه وبالرغم من قدم هذه القبائل، إلا أن عدم كتابة لغتهم التي حملت ثقافتهم جعلهم أمه مهددة بالاندثار بانقراض لغتهم وبالتالي ثقافتهم وتاريخهم.
ونرى أن ذلك سيتم أول ما يتم بكتابة اللغة، ومن ثم بإدخالها في مناهج التعليم الابتدائي، أو غيره، للناطقين بها ولمن أراد أن يتعلمها من الآخرين.
وفيما يتعلق بتاريخ البذاويت، وبالرغم من الاختلافات التي وضحناها، الا ان الواضح هو انه، إذا توفر المجهود، فإن كل المقومات المطلوبة لإلقاء نظرة متفحصة على ذلك التاريخ متوفرة ضمن محمولات ثقافة البذاويت: معتقداتهم ولغتهم واعرافهم وتقاليدهم.. وربما وفر ذلك قراءات مختلفة لمجمل تاريخ المنطقة، خاصة بملاحظة ما اورده لبسيوس ودكتور هيس وسير وليلاز بدج عن اعتقادهما بعلاقة بينها وبين النوبية، ومن ان "تعلم لغة البجا في شرق السودان هي افضل طريقة لتعلم اللغة المصرية القديمة"(5).
في النهاية.. لعله قد صار معلوما ما يقوله رجال التربية من أن من أهم أسباب الفاقد التربوي في التعليم في السودان هو قضية اللغة. واننا هنا لنناشد المؤتمر ان يتبني فكرة "اللغات المحلية وتعلم القراءة والكتابة"(6).
إن فكرة "اللغات المحلية وتعلم القراءة والكتابة" مستوحاة من ممارسة قد تمت فعليا في بابوا نيو غيني، وهي جزيرة صغيرة في المحيط الهادي وبها اكثر من 800لغة. لقد صُمم برنامج للتعليم قبل المدرسي بناء على طلب وزارة التربية لتزويد الأطفال بتعليم أساسي بلغتهم الأم لمدة سنتين قبل التحاقهم بالمدرسة الابتدائية. إنها صيغة رابحة كما خلص الخبراء.. إذ يبدأ الأطفال مرحلة تعلم القراءة والكتابة بلغتهم الأم، ويستكشفون التقاليد القديمة ويطورون إحساسهم بالانتماء. وقد لاحظ الخبراء أن الأطفال يحرزون في الوقت ذاته التقدم الإدراكي والعلمي الضروري للدراسة. وعندما يبلغون المرحلة الابتدائية ومع البدء بتعلّم اللغة الإنكليزية، يشعرون بسهولة استخدام المهارات الأساسية التي امتلكوها في التعليم قبل المدرسي لاستيعاب الإنكليزية بسرعة أكبر.
وفي الختام، ومن على منبر المؤتمر هذا نتقدم بهذا النداء للمؤتمرين آملين أن يعملوا على بث المزيد من الاهتمام بهذه الثقافة فذلك جزء في غاية الأهمية في أية مقاصد تنموية للمنطقة وإنسانها، وأن يجد مجهودنا في هذا المجال تفهما اولا، ومن ثم التضامن والدعم.
هوامش
(1موقع الجيش اللبناني على الانترنت: http://www.lebarmy.gov.lb/article.asp?ln=ar&id=1301
(2) الثقافة والتنمية الاقتصادية، لورانس إي. هاريسون- موقع مركز الكوثر- http://www.siironline.org/alabwab/moghavama_alfaghr/023.html - 19/5/2010.
(3) تأسست "الجمعية الدولية لدراسات الثقافة البجاوية" في 26 ابريل 1996 في القاهرة في اطار عمل طوعي يهتم بثقافة البجا- راجع الأوراق التأسيسية للجمعية في موقعنا على الانترنت: www.bejaculture.org
(4) يدور نقاش الآن حول تحريف اللغة. ونعتقد ان هذا النقاش لايفيد. نحن في الجمعية نقترح كتابتها بالحرف العربي، ووضحنا أن اختيارنا هذا مبني على دراية بواقع المنطقة. فالأمية نسبتها عالية جدا فيها، والقلة التي تعرف القراءة والكتابة يعرفون ذلك بالحرف العربي، وهم هؤلاء الذين انتهى تعليمهم بالدراسة في خلاوي تحفيظ القران وأولائك الذين درسوا المرحلة الابتدائية او المتوسطة وتسربوا من فصول التعليم لظروف خاصة. ونرى اننا إذا كنا نهدف من كتابة اللغة نشرها والمحافظة عليها، فإن الكتابة للعدد الأكبر توفر الاحتمال الاكبر لذلك. وهناك من يرى تحريفها بالحرف اللاتيني، ولا شك ان وراء ذلك مسببات. وما نعتقده في محصلة هذا الحوار هو صحيح ان الافضل هو توحيد الجهود، ولكننا نعتقد أن اللغة لن يضيرها شيء أن تكتب بأكثر من حرف.
(5) الانترنت: http://members.tripod.com/kekaitiare/beja.htm- 19 اكتوبر، 2002.
(6) http://typo38.unesco.org/ar/cour-10-2006/cour-10-2006-7.html.
153745 تعليقات
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:07 مشارك من قبل Sammie
I'm self-employed http://cule.cat/claritine-allergy-syrop-ulotka-rvyy claritin side sleeper pillow A spokesman for the Indian army in Kashmir Col. R.K. Palta blamed Pakistani troops for the incident, saying they fired "unprovoked" across the frontier with automatic weapons, mortars and grenades. He said there were no casualties on the Indian side.
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:07 مشارك من قبل Elijah
The line's engaged https://mahimaainstant.com/toradol-intramuscolo-prezzo-ezjf toradol compresse torrino OK, Gary Kubiak probably knew all along but three different signal callers could have been under center for Houston this weekend as the struggling Texans try to halt an ugly four-game losing streak against the 6-0 Kansas City Chiefs.
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:07 مشارك من قبل Blaine
Sorry, I'm busy at the moment http://www.gutoubuluo.com/800-mg-ibuprofen-janj.pdf ibuprofeno efervescente 600 Sporadic fighting struck three districts of Zamboanga through the morning and early afternoon. Skirmishes were also reported for the third day on the nearby island of Basilan, with the army saying one of its soldiers had been killed.
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:06 مشارك من قبل Hilario
I'm a trainee https://ukrproftorg.com.ua/paracetamol-propifenazona-cafeina-codeina-rvyy paracetamol propifenazona cafeina codeina The big question is what cards MLB is holding in its showdown with A-Rod, and how confident the embattled Yankee and his attorneys would be challenging MLBâs evidence, given that some of it came into play during a criminal investigation.
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:06 مشارك من قبل Rudolf
Do you know the number for ? http://stockarton.co.il/naproxen-500-mg-shoppers-drug-mart-tqhm naproxen vs ibuprofen mayo clinic Peralta has spent almost exactly three years with the Tigers. He joined them in a trade from Cleveland in late July 2010, because the Tigers had a pressing need for infielder with third baseman Brandon Inge and second baseman Carlos Guillen having suddenly gone on the disabled list. Peralta initially replaced Inge at third before he moved to short later that season.
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:06 مشارك من قبل Thurman
I'm doing an internship https://revuetelema.org/irbesartan-obat-apa-rvyy irbesartan dosage The committee's chairman Malcolm Rifkind, a former foreign secretary and a senior figure in the Conservative party that leads Britain's coalition government, said that had the allegations been true, it would have been extremely damaging to GCHQ and would have had serious implications for public trust in the intelligence services.
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:06 مشارك من قبل Elroy
No, I'm not particularly sporty http://eleanorschnarr.com/diclofenac-rezeptfrei-bestellen-ekud diclofenac dosering kind BOSTON â The Tigers' Anibal Sanchez had the kind of night every pitcher dreams of, shutting out the Red Sox without allowing a hit and tying a 105-year-old record in Game 1 of the American League Championship Series at Fenway Park.
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Wilton
How many weeks' holiday a year are there? https://maichaulodge.com/is-it-safe-to-give-dogs-paracetamol-ghcm butilhioscina paracetamol para q sirve But curator Matthew Gale has come up at least a partial solution to the problem in Tate Modernâs glorious survey 'Paul Klee: Making Visible.â By constructing a series of intimate rooms at the beginning of the show, and then hanging the pictures far apart he encourages us to look with concentration at one work at a time. Though the later galleries are larger in scale, by the time we get to them we have picked up the knack of how to treat Kleeâs art. The austere hang results in by far the most beautiful installation of this elusive artistâs work any of us are ever likely to see.
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Andres
Do you play any instruments? https://quimeracol.com/ciprofloxacin-hexal-500-mg-fass-mnjk.pdf ciprofloxacino sin receta medica With U.S. troops set to depart the country in 2014, the Taliban, which remains opposed to the very existence of the new Afghan government, has little reason to negotiate in good faith. What's worse, the Obama administration's eagerness to hold talks is giving the extremist group time and space to prepare for a resurgence after U.S. troops withdraw next year.
-
تعليق
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 16:05 مشارك من قبل Lenard
Where are you calling from? https://nagamas.co.id/xylocaine-2-gel-30g-eosc xylocaine spray online uk In London, Russian painter Wassily Kandinsky's expressionist masterpiece "Studie zu Improvisation 3, 1909" was the top highlight of the Impressionist and modern art sales in June, falling just short of the artist's $23 million record when it sold for $21 million.
رأيك في الموضوع
تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة