الجمعة, 13 تموز/يوليو 2018 15:49

البـڊاوِيــّـت: نمط الحياة-العدد الثالث

البـڊاوِيــّـت: نمط الحياة

أولا: الاسم "البجا"

من دراسة تاريخ المنطقة يتضح أن الاسم: ’بجا‘لم يكن هو الاسم السائد على سكان المنطقة في كل العصور.كما ويتضح بأن الاسم كان عرضة للتغيير بحسب تغير الامم التي واطنت البجا في أرضهم أو اتصلت بهم.

فقد اطلق على المنطقة وسكانها اسم كوش والكوشيين في مرحلة من مراحل تاريخها([1]).

ولقد ورد اسم (بُكَ- BUKA) على الاثار المصرية القديمة و(بُـقِـايـتِـىّBUGAITE) على اثار مملكة أكسوم([2]).

ورد اسم (تروقلودايت- troglodyte) وتعني "ساكني الكهوف" لبعض سكان المنطقة في بعض المصادر([3]).

واليونان قد أطلقو اسم (الأثيوبيين) على جميع بلاد السود وشديدي السمرة([4])، ثم انحصر الاسم على المنطقة من أسوان حتى حدود الصومال وسكانها، كما أن قدماء الرومان قد اطلقوا اسم (البلامس) على سكان الصحراء الشرقية([5]).

(أما اسم البجه او "البجا- البيجه- البجاه" فهو اسم اطلقه العرب على سكان المنطقة)([6]).

ويرى البعض أن اسم (بجه)- مكسور الباء- قد جاء نتيجة لخطأ بعض الكتاب الأنجليز في قراءة الاسم العربي الأصل (بجاه)- بضم الباء- ومصدره العربية:"بداة" ومفردها بدوي- وذلك لعدم معرفة هؤلاء الكتاب باللغة العربية من ناحية([7])، ومن ناحية لأن الأنجليزية ليست بها حركات الفتح والضم والكسر([8]).

أما الاستاذ/ محمد صالح ضرار فيقول (ان البعض يرى أن كلمة "بجه" من اختراع الأنجليز)، ويقول: (أنا أقول انها اقدم من ذلك عند الفراعنة والبطالسة والرومان والعرب)([9]).

ويرى البعض أن اسم (بجه) قد أطلق على هؤلاء القوم مجازا([10]).

غير أن الأمر الذي يشهد به الواقع الثقافي لهؤلاء،ويؤيده منظورلغتهم، تراكبيها ومقوماتها، فإن الأمر ليختلف كثيراً عما يقال، فهم في باديتهم لا يعرفون الاسم الثلاثي "بجا" او أياً من صيغة "بجاة، بيجه او بجه"([11]).

والنطق الصحيح ليس بجاوية للسان ولا بجا، حسب ما تنطقه القبائل نفسها،سواء لاسم القبائلولاسم اللغة. بل الصحيح هو "بـڊاوِيــّـت" لإسم للسان ولإسم القبائل.

فالحرف التالي لحرف الباء في الاسم "بـڊاوِيــّـت"، وحسب نطقهمله، ليس هو حرف الدال المعروف في اللغة العربية.بل هو صوت شبيه في نطقهبنطق صوت الدال، وينطق بوضعك طرف اللسان على اللثة ووراء الأسنان مباشرة، أوبثنيك طرف اللسان أو بضغطه في ذلك الموضع. ويسميه اللغويون: الدال الالتوائي أو المرتجع- “retroflex”، وليتم التفريق بينه وبين صوت الدال العادي حين الكتابة اخترنا أن نكتبه بالرمز: (ڊ)- شكل الدال بنقطة تحته.

ومن منظور اللغة، وإلى جانب أصوات السكون والفتحة والكسرة والضمة- القصيرة، ففي اللغة الصيغ الطويلة منها- مع مد. للفتحة مد بألف، وللكسرة مد بياء، وللضمة مد بواو.

وهنالك أصوات الإمالة الطويلة والتي لا ترد في العربية المتداولة.ففي اللغة صوت لكسر طويل كما في العبارة: (دِيـتْ) بمعنى: حديدة أو قطعة حديد. وليتم التمييز بين صوت الكسر الطويل وصوت الكسر الطويل الممال للفتح، كما في العبارة: (دِيـتْ)- الدال بصوت كسر طويل ممال للفتح-والعبارة تعني: أم، والصوت مماثل لنطقك للباء البادئة في العبارات: (بيت) و(بيض) في السودانية الدارجة. للتمييز بين الصوتين حين الكتابة، ولبيان الصوت الممال للفتح في العبارة بمعنى: أم، سنضع الكسرة على الدال، وسنضع "شدة وحدانية"- شدة وليس معها علامة أخرى من فتحة أو ضمة أو كسرة، على الياء- المد- التالي للدال: (دِيـّتْ).والواضح أن صوت الدال في العبارة بمعنى: حديدة- (دِيـتْ)،وصوت الدال في العبارة بمعنى: أم- (دِيــّـتْ) ليس واحدا، ويلزم التفريق بينهما وإلا ستختلط المعاني كما هو واضح([12]).

وكذلك كما في اسم اللغة واسم القبائل، سنضع الكسرة على الحرف الشبيه بالدال، وسنضع "شدة وحدانية" على الياء- المد- التالي للدال في العبارة، وسنكتب الاسم: (بـڊاوِيــّـت).

وصوتا الإمالة الطويلة للكسر وللضم كثيران في اللغة.وإخترنا أن نبين صوت الإمالة، حيث يرد، بوضع "شدة وحدانية"- ليس معها علامة أخرى من فتحة أو كسرة أو ضمة- على المد التالي.

وهناك روايتان أخريان حول مصدر اسم لسانهم (بـڊاوِيــّـت) إذ أن حرف الياء والتاء في أخر الاسم هما أدوات نسبة في لغتهم، أي أن المقصود ب (بـڊاوِيــّـت) هو لسان البجا. والرواية الأخرى تقول أن مصدر التسمية هو اللغة المصرية القديمة، وأن لفظ (بدا) فيها تعني العملاق، وإن قدماء المصريين أطلقوا على تلك القبائل في حدودهم الجنوبية الشرقية ذلك اللفظ لضخامة أجسامهم في ذلك الزمان فسار عليهم الاسم([13]).

بل ولعله من المعروف أنهم اليوم وإلى جانب اسمهم (بـڊاوِيــّـت)فانهم يسمون أنفسهم (أرَبْ)- و(أرَبْ) هو نطقهم ل(عرب) وذلك لانعدام حرف العين في لغتهم؛ وهو اسم يعرفونه أكثر من الاسم (بجا) والذي يجهلونه تماماً.وكأمر ذو دلالة يلاحظ هنا أنهم لا يسمون لغتهم (أرَبـِـيتْ). والملاحظ أن (أرَبْ) في استعمالهم هذا لا تعني عندهم العرب الذين يسمونهم ولغتهم (بَلَوِيـّتْ). وربما كان اسم (أرَبْ) أصلاً دلالة على فرز اجتماعي بمعنى بدوي أو ما شابه ذلك، ولكن الملاحظ الآن أن ذلك الاسم قد امتص تماماً في لغتهم ورضخ لقواعدها وصرفها، إذ أنهم يقولون (أرَبْ) و(أرَبِينَيْ) لجمع الذكور، و(أرَبِينَيْتْ) لجمع الإناث و(أرَبِيناَيْ) لواحدهم و(أرَبِينَايْتْ)لواحدتهم و(أرَبُونْ) بواو ونون النسبة في اخر الاسم كما في قواعد لغتهم، وتعني جماعتنا او عربنا.

إذن فإنه ومهما تعددت او تغيرت الأسماء، فإن الإسم الذي يتمتع بسند من لغة هؤلاء القوم هو (بـڊاوِيــّـت). وما كان تغير الاسم ليغير من حقيقة وضعهم في المنطقة.

ثانيا: منطقة البجا

يستوطن البجا المنطقة من ساحل البحر الأحمر شرقا إلى نهر النيل غربا ومنمنطقة قوص في صعيد مصر شمالا إلي مداخل إرتريا واثيوبيا جنوبا.

وبيلغ تعدادهم بينثلاثةوأربعة مليون نسمة، منهم مليونان وثلاثمائة ألف فىالسودان([14]).وتورد دائرة المعارف البريطانية أن تعدادهم فى السودان في مطلع القرن الحادي والعشرين قد بلغ 1.9 مليون. والبقية تتوزع بين أريتريا ومصر وأثيوبيا.

ثالثا: أصل البجا:

لقد تضاربت اقوال المؤرخين حول اصل البجا، فمن نسبهم إلي نسل كوش بنحام الذين يرجح بأنهم أول من سكن سواحل البحر الأحمر الغربية،وبأنهم تاريخياً فرع من الشعوب الحامية الشرقية التي انتقلوا إليها من الجزيرة العربية قبل اكثر من عشره ألف سنة([15]).

وتقول دائرة المعارف البريطانية (أن لفظة البجه تطلق علي مجموعة منالقبائل واسعة الانتشار وهم من قدماء المهاجرين الساميين)([16]).

ولقد اتفق كل عن داؤود روبيني اليهودي والمؤرخ العربي السعودي على أنالبجا ابناء كوش بن كنعان وبذلك اصبح البجا في رأيهما من الساميين الذين نزحو من بلاد العرب([17]).ويتفق نعوم شقير مع رأيهما إذ يقول (ان البجةوشبه السود من سلالة غير السود وان سلالتهم لم تنشأ في هذه المنطقة بلهاجرت اليها من اسيا وان من لا يعترف بذلك لا تسنده أية حقيقة)([18]).

اما جرجي زيدان فيقول ان أمه الشاسون من عرب الشام قد هاجرتالي المنطقة واستوطنت بين النيل والبحر الأحمر([19]).

ودكتور جواد يؤكد ساميتهم حيث يقول بأنهم (من بقايا ثمود كانت على سواحل البحر الأحمر) ([20]). ويقول الهمذاني انهم من ذرية سام بن نوح([21]).

(وقد قامت عدة محاولات من جانب الجيولوجيين لمعرفة اصول البجا ومن خلال البحث والتنقيب عثر في مقابر البلامس حول جبال مامان في شرق السودان ووصلواالى نتيجة لا تقبل الجدل وهي ان جماجم اصحابها سامية أي انها عنصر راق، وهذه المقابر تحفظ تحتها اجساد البجا الاوائل التي عثر عليها منتشرة في العديد من جبال البحر الأحمر)([22]).

ويرى سليمان المصري ان البجا عنصر من عناصر المصريين([23]).

ويقول القزويني انهم (صنف من الحبشة)([24]). ويقول المقريزي (وقيل في اصلهم انهم قبيلة من الحبشة) ([25]).

والبعض يرى (انهم امة سامية وانهم عرب)([26]).

ويرى البعض (ان البجا الاصليين لا وجود لهم الان)([27]).

ويقول نعوم شقير (وقد انقسم البجا الان الى عدة قبائل جسيمة وهم العبابدة والبشاريين والأمَّارأر والهدندوة والحلانقة والحباب وبني عامر وكلهم يدينون بالاسلام ويدعون النسبة للعرب وما هم بعرب بل ربما كان في بعض خاصتهم دم عربي واما عامتهم فلا مشاحة في انهم بجا وكلهم يتكلمون اللغة البجاوية ولا يعرفون لغة غيرها الا مشايخهم اللذين يخالطون العرب منهم على النيل فانهم يتكلمون العربية ايضا)([28]).

رابعا: قبائل البجا:

هَدنْدِوة([29]):يتفرع منها سبعة عشر فرع رئيسي وهي: ڊمِيلابْ، قورهباب،ويلألياب،هاكوّلاب، همداب،القني، شبوّڊيناب،قرإيب، شرآب، إميراب، بشارياب، سمرْأرْ، سمراي دواب،هميساب، قايداب، اللايشبوّياب. واهم مدنهم سنكات، كسلا وهيا.

أمارأر: يتفرع منهم أربعة فروع رئيسية وهي: فادلاب،شيباب،نهداب،همداب، وأهم مدنهم كمويسانة وسلوم وبورتسودان.

أتمن: تتفرع منها أربعة فروع رئيسية هي: قويلي- ألياب- كرباب- نوراب، وأهم مدنهم بورتسودان، محمد قول، وجبيت المعادن.

بني عامر: تتفرع منهم سبعة فروع أساسية هي: نابتاب- بيت مأل- عجيلاب- سنكات كناب- لبت- سودرات. وأهم مدنهم طوكر وكسلا وبورتسودان.

مَلْهِيتْكِنابْ:  وأهم مدنهم كسلا و أروما.

هَلَـنْقَ: (حلنقة)، وتتفرع منهم ثلاثة فروع رئيسية وهي: شيكِ دواب- هداي دواب- فكهي دواب. وأهم مدنهم كسلا وأروما.

أبابِدْ:(عبابدة) تتفرع منهم خمسة فروع رئيسية هي: جِبريناب- أقيداب- هميداب- شويماب- أنقرب. وأهم مدنهم: القصير، شلاتين، برانيس، بربر.

بِشارِ: (بشاريين) وفروعها ثلاثة عشر، وهي: ألياب- شنتيراب- همدأوّراب- قهمتاب- آمراب- هنر- ايّراياب- همد كوراب- همداب- ويـّلاب- نافآب- منسوراب- هنواب. وأهم مدنهم حلايب، أبو رماد، سيدون، عطبرة.

كُمـيــّـلاب: تتفرع منهم أربعة فروع رئيسية وهي: أباقداب-تامساب- بيدللي- نيتللي. وأهم مدنهم هي: طوكر- كسلا- بورتسودان- منطقة نهر عطبر.

أرْتِيـّـقَ: تتفرع منها ثلاثة فروع رئيسية وهي: كُربِڊِو- شإياياب- همرن، وأهم مدنهم طوكر- سواكن- كسلا- الشوك .

شَرَفْ: (أشراف) منها ثلاثة فروع هي: أبدلاي ڊواب- أبكراب- شاذلياب، وأهم مدنهم طوكر- سواكن- بورتسودان.

جْأفرَ: (جعافرة) في منطقة النيل الأبيض ومدني وفي محافظتي أسوان وقنا في مصر.

حباب: وأهم مدنهم: قرورة- عقيق- طوكر- نقفة- أغوردات .

سواكنية: وأهم مدنهم سواكن وبورتسودان.

خامسا: لغة البجا

لقد اختلفت المصادر حول أصول لغتهم، فقد أوردت الموسوعة البريطانية عنها أنها لغة كوشية([30]).وورد عنها أنها لغة كوشية متفرعة من أصل حامي([31]).

ويقول المرحوم محمد الأمين شريف: (اللغة البجاوية التي يسميها أهلها "تبداوي" هي أصلاً من فصيلة اللغات الحامية القوقازية.. مثل اللغات المصرية والنوبية والصومالية والدنكلية وغيرها)([32]).

ويظن (لبسيوس) أنها لغة مروي القديمة. ويقول د. هيس أنها لغة مروي القديمة بدليل أن بعض كلماتها الأساسية كالماء والنور والأرض تشابه ماورد في تاريخ مروي([33]).

ويرى البعض أنها(من أقوى اللغات الأفريقية) ([34]).

والمهم ذكره هنا بالرغم من التأثيرات اللغوية التي حدثت على البـڊاوِيــّـتألا أنها قد حافظت على قاموسها الأساسي في أسمائها لعناصر الطبيعة وأسماء أعضاء الجسم وأسماء الادوات المادية في عملهم وسلاحهم وأسماء الألوان وأسمائهم في الولادة والحياة والموت، وأسماء القرابة، وأسماء الحيوانات والنباتات والطيور، وأسمائهمللأعداد وتراكيبها، وهذه الأسماء،وفيما يرى علماء اللغويات، يصعب أن تقتبسها لغة من أخرى.

وهم اليوم عموماً يتحدثون البـڊاوِيــّـتفي كل المنطقة التي يسكنونها،مع ملاحظة أن هناك اختلافات في نطق بعض الكلمات والأسماء هنا وهناك، ومن أمثلة ذلك:

بعضهم يقول للجبنه (تُ جَبَنَ) وأخرون يسمونها (تِ دَبَنَ).

أداة التعريف([35])- قصيرة الصوت- ينطقها البعض (تِ) كما في (تُ بداوي)-ينطقونها:(تِ بداوي)([36]).

هذا من ناحية النطق، أما من ناحية الأسماء فإن هنالك ثمة اختلافات في أسماء بعض الأشياء:

"الملح"بعضهم يسميه:(مِيلَـكْ)، والأخر يسميه: (مُوّسْ)."الزجاجة" بعضهم يسميها (تُ كَرُوّرَ)- التاء المضمومة الضم القصير (تُ):أداة تعريف الاسم المفرد المؤنث في صيغة من صيغه، و(كَرُوّرَ): زجاجة.وبعضهم يسميها: (تـُوّدَوْ)- (تـُوّ): أداة تعريف الاسم المفرد المؤنث في صيغة من صيغه([37])، و(دَوْ): زجاجة.

وهناك ثمة اختلافات بين القبائل في سرعة نطقها للكلمات، فالبشاريون والألياب من الأتمن في الشمال فمخارج حروفهم ابطأ مما يعطي انطباعاً بأن هنالك ثمة زيادة- مد- في الكلمات. أما الهَڊَنْڊِوَ واللّبَتْ من بني عامر في الجنوب فمخارج حروفهم سريعة لدرجة أنهم يدغمون بعض الحروف([38]). ومن أمثلة ذلك إذا اراد احدهم أن يطلب من بنت أن تبتعد عنه او تذهب،فسيقول أهل الشمال ما هو أقرب إلى: (تُ أوّرَيْقِيقِي أنْدِهُوّكِي) وسيقول أهل الجنوب: (تْ أورْ قيقِ أندْهُوّكْ).

والبني عامر يتحدث بعضهم لغة (التِقرِ)([39])وهي لغة سامية الأصل([40]). أما قبيلة الحباب فلا يتحدث أغلبهم البـڊاوِيــّـتبل يتحدثون (التقرينية) وهي من اللغات الأثيوبية سامية الأصل، والجعافرة لا يتحدث أغلبهم البـڊاوِيــّـت، وأغلبهم،حالياً،يقطن خارج المناطق التي يتمركز فيهاالبـڊاوِيــّـت.

سادسا: صفاتهم

قيل (أنهم شديدو السواد)([41])،(وأشد سواداً من الحبشة)([42]).وقيل انهم أصفى السودان لوناً.وقيل (أن الوانهم مشرقة الصفرة)([43]).

وقيل أن (تقاطيعهم غليظة ووجوههم طويلة عريضة وأنوفهم بارزة قليلاً وشعورهم فلفلية غير متبلدة.. وسحنتهم غاية الشناعة، ولهم سرعة في الجري يباينون بها الناس)([44]).ووصفهم هيرودتش بطول القامة وجمال الجسم خاصة الرجال([45]).

ويقول عنهم المقريزي أن البجا (أصحاب ذمة، وهم يبالغون في الضيافة، فإذا طرق أحدهم الضيف ذبح له. فإذا تجاوز ثلاثة نفر نحر لهم من أقرب الأنعام اليه سواء أكانت له او لغيره، وإن لم يكن شئ نحر راحلة الضيف وعوضه خير منها([46]).

والغريب أن المقريزي يقول (وطائفة البجا أضل من الأنعام سبيلا وأقل عقولاً، ولا دين لهم سوى كلمة التوحيد، ووراء ذلك من مذاهبهم الفاسدة ما لا ينحصر، وهم عراة يسترون عوراتهم بخرق، ويعيش أهل عيذاب عيش البهائم وهم أقرب إلى الوحش في أخلاقهم منهم إلى الأنس)([47]).

ويقول ابن الوردي: البجا (أهل أمانة وحسن مرافقةللتجار)([48]).

ويقول نعوم شقير: (أن ملامح البجا وعاداتهم وأخلاقهم فجميعها عربية محضة)([49]).

سابعا: تاريخ البجا

تقول دائرة المعارف البريطانية (إنهم مجموعة من القبائل المتجولة والتي تحتل ومنذ أربعة الاف سنة قبل الميلاد او اكثر المنطقة الجبلية الواقعة بين البحر الأحمر ونهر عطبرة ونهر النيل)([50]).ورأى جرجي زيدان أنهم الشاسو، ويقال لهم الهكسوس، الذين استوطنوا بين النيل والبحر الأحمر.

كانت منطقتهم منطقة جاذبة لأهميتها الجغرافية فهي المدخل الشرقي لأفريقيا عبر موانئهم القديمة باضع، عيزاب، سواكن، إلى جانب المعادن النفسية في المنطقة كوادي العلاقي. وفي فترات سحيقة من التاريخ بدأت الهجرات إلى هذه المنطقة عبر المنافذ المذكورة منها هجرة سبنية من شبه الجزيرة العربية على هيئة جماعات كبيرة وصغيرة متفرقة. تشير المكتشافات الأثرية إلى احتمال حدوث ذلك قبل حوالي 10000 سنة قبل الميلاد([51])وقد هاجرت قبيلة (بلي) الى المنطقة قبل الاسلام أيام حكم البطالسة في مصر واختلطت بالبجا([52]). كما هاجرت قبائل جهينة وهمزان وكندة ولخم والأزد وجزام وربيعة ومضر وهوزان وبني سليم بعد الفتح الاسلامي للمنطقة، وبعضهم اختلط بأهلها كربيعة وجهينة. وبعض شعوب اسيا كالهنود إستقرت في منطقتهم من خلال مرور تجارتهم عبر بلادهم.

وكانت هناك بعض الهجرات التي استقرت في المنطقة كبعض الحجاج المسيحيين وهم في طريقهم الى فلسطين من الداخل الافريقي، ومن الحبشة.

وكانت للبـڊاوِيــّـتالكثير من الحروب مع جيرانهم كالنوبة والفراعنة وكل الدول التي حكمت مصر كالبطالسة والرومان والدولة الاسلامية، ولقد حاربوا مملكة (اكسوم).

ومن أشد تلك الحروب، حربهم ضد الرومان في مصر وتحالفهم مع الملكة (زنوبيا) ملكة تدمر ضدهم، وقد استطاعوا الوصول إلى منطقة سوهاج في مصر إلا ان حالفائهم التدمريين قد أصيبو بنكسة أدت إلى أن يستطيع الرومان طرد البجا من مصر سنة 274م([53]).

كانت العلاقة بين مملكة (أكسوم) والبـڊاوِيــّـت علاقة عداء بحكم الجوار ورغبة كل منهما في السيطرة على الأخر فلم تسلم مملكة أكسوم من هجمات ونزعات ممالك البجا، كما أن البجا لم يسلموا من هجمات الأحباش، وقد هجم الملك (عيزانا)على ممالك البجا وتقدمت جيوشه من الجنوب لتحطيم ممالكالبجا والنوبة، وبلغ التهديد الذي واجهه البجا اقصاء عام 390م عندما واجهوا مملكة أكسوم من الجنوب والرومان من الشمال([54]).وكان بين البـڊاوِيــّـت والنوبة مواقع عديدة سجلت على جدار هيكل (كلابشا)([55]).وهزيمة البجا من (بروس) النائب الروماني على مصر وتعقبهم وارسال أسرى منهم إلى (رومية). تحالف البجا مع النوبة أيام الامبراطور (مارشيان) الروماني على غزو بلاد مصر العليا، فذبحو الرومانيين وعمالهم مما أضطر الرومان الى طلب الصلح معهم، على الرغم من ذلك استمرت الحروب بينهم الى ان دالت دولة الرومان على يد الجيش العربي الاسلامي في القرن السابع الميلادي([56]).

وفي عام 831م كانت للبجا حروب مشهورة مع والي أسوان من قبل الدولة العباسية انتهت بهزيمتهم والاتفاق على هدنة بينهم([57]).

ثامنا: ديانات البـڊاوِيــّـت

يعتقد أنهم قد انتقلوا من الوثنية إلى الاسلام، ويقول أبو الفدا في تاريخه([58]) عن ابن سعيد أنهم (يعبدون الأوثان) ويقول اليعقوبي(وليس لهم شريعة إنما كانو يعبدون صنماً يسمونه "حجاجوا ")([59]) غير أن بعض المصادر تظن أن بعض سكان المنطقة قد اعتنقوا المسيحية، إذ يقول ابن الوردي في تاريخه([60]) ان بين البجا والنوبة قوم يقال لهم (البليون) أهل عزم وشجاعة يهابهم كل من حولهم وهم نصارى خوارج على مذهب اليعقوبية.

والواقع اليوم يبين أن المنطقة تخلو تماماً من أية أثار تدل على أن الديانة المسيحية كانت منتشرة فيها، إلا بعض الأثار في مناطق ارتريا اليوم([61]). ونرى أن الأمر يحتاج لحفريات وبحث للتأكد من علاقة المنطقة بالديانات قبل الإسلام. ومن الثابت الآن أن البـڊاوِيــّـتقد اعتنقوا الإسلام الصوفي وذلك لطبيعته الميسرة، وهم شديدوالتمسك بتبعيتهم لشيخ الطريقة الأمر الذي شكل جزء من معتقداتهم. وتنتشر الخلاوي في منطقتهم لتعليم القرآن والفقه، وهم يعتقدون في كرامات الأولياء ويزورون أضرحتهم ويهدون إليهم الهدايا ويوفون بالنذور.

ومن الدلائل على ذلك أنهم يحفظون الراتب ومدائح الشيوخ التي كتبوها في الرسول (ص)، والنساء يؤلفن ويحفظن أشعاراً بلغتهم في مدح الأولياء.

تاسعا:عاداتهم

من عاداتهم أن يطلق الرجل شعر رأسه ويضفر الجزء الخلفي منه، وفي هذا الحالة يستعمل خلالاً يسمونه (إيوِ دآيْ هِلالْ)- (إيوْ): تيتل،(دَءَ): قرن،و(هِلالْ): خلال. وهو من قرن التيتل، وبالعدم من الخشب، ويزين طرفه بالفضة. واذا لم يضفر شعره يستعمل خلالاً يسمى (مْهَيْٺَٺِ هِلالْ) ويكون بثلاثة ريش غالباً من الخشب:(مْهَيْ ٺَٺِ)- (مْهَيْ) تعني: ثلاثة، و(ٺَٺْ)([62]) - الاسم تركيب بالصوت الشبيه في نطقه بصوت التاء مكررا،ويعني: اطرف أو فروع، والعبارة ستعني: ذو الثلاث اطراف.وهم يدهنون الشعر بال(ودك) والضريرة.

ويلبس الرجل القميص (قميس) والسروال (سربادوّبْ) والصديري (سِديرِ) ويتلفح بالثوب (هَلُوبابْ) ويحمل معه دوما سلاحه.

أما النساء عند الزواج تمشط أحداهن رأسها نزولاً من مفرق الرأس حتى أطراف الخصلات حيث تترك بدون مشاط، وتمسح بالصمغ وال(وَدَكْ) وبعضها تعطر بخلطة من المحلب، والجوز و(رْهانْ هنْدِ) وهو صنف نبات عطري، وفروش وصندلية.. الخ، وتضاف خصلتان تضفران في مقدمة الرأس تسمى: (تِلَّ) او (سُولِ) وهي دلالة على أن المرأة متزوجة, وتربط فيها حلية يسمونها(مِرْوِدْ). وتلبس المرأة قرباب وصديري أو جلباب- فستان- عليه ثوب- ساري- يربط في الخصر ويتلفحبه ويغطي الرأس ويسمى (فُوّدآتْ).

وتتزين المرأة بلبس زمام (فايْ) في الجانب الأيسر (تَلْهايْفايْ)، وهو زمام كبير الحجم من الذهب، وتلبس سواراً(كْوِلِـيـّلْ) في كل يد، وفي القدمين تلبس حجلين كبيري الحجم من الفضة. كما تلبس في أذنيها حلقين كبيرين من الذهب يسمى الواحد منهما (تِلَّالْ) او (تِــرَّالْ).

وينتعل البجاوي حذاء من الجلد يسمى (قرْبَ كِتُءْ) او (أدَرْفَتكْ) وتلبسه النساء مزخرفاً، وهو أشبه بنعل قدماء الفراعنة.

من عاداتهم مايسمونه (سِملاَّيْتْ) أو(لقُوقْ) وهو عبارة عن ان الرجل عندما يحلب اللبن لا يشرب منه ابداً الا بعد ان يتذوقه شرطاً رجل آخر قائلاً بسم الله. ويبيت الرجل صاحب اللبن دون عشاء اذا لم يجد رجلاً اخر يقوم بذلك، فاذا فعل دون (سِملاَّيْتْ) يوصم بذلك ويسمونه (أوّدَنابْ) والعبارة تحمل ذماً شديداً وتشبيهاً للشخص المذموم بصغير الماعز أو الضأن الذي يتمكن من رضع امه قبل ان تحلب، وفي ذلك من معاني ذم البخل واعلاء صفاة الكرم.

والمرأة لاتحلب أبداً وذلك عندهم عيب شنيع، لذا فان الأطفال قد يبيتون دون عشاء اذا لم يكن هنالك رجل يحلب لهم.

ومن عاداتهم أن يوقدوا النار امام البيت كل ليلة وحتى الصباح ويسمونها (تُ مْألَوْ) أو (تُ تَلَوْ) ومن معاني ذلك الكرم حتى تجلب النار المسافرين ليلاً. ومن معانيه التفاؤل بمعني أنه مادامت تلك النار مشتعلة فانهم يملكون زادهم وانطفائها يعني انهم لايجدون ذلك.

من عاداتهم في القسم المغلظة: (هـُ أَماَنْ) أنهم يحلفون الرجل والمرأة بأن يلحس النار: (نِإيـّتْ لْهاَسْ) اذا انكر شيئاويبرء نفسه. والنار التي سيلحسها عبارة عن قطعة حديد تسخن حتى الاحمرار بعد ان ينطق ثلاث مرات ناكراً ما اتهم به. ويعتقدون بأن النار لن تسبب أذي إذا كان صادقا. ولايقسمون علي المصحف لا صادقين ولا كاذبين، الا في اشد الحالات اضطراراً مثل في المحكمة، وربما تنازل احدهم عن حقه اذا تعلق بقسم: (هَلْفُـوّيْتْ) علي المصحف.

ومن عاداتهم انه اذا تقابلت قبيلتان للحرب ولم يكن هنالك من يمنع ذلك من غيرهم- حجازين- فانه تبادر امرأة وتسير بينهما، فيتوقف القتال، بل ويتفرق الجمعان([63]).

واذا اتت مجموعة من قبيلة اخري لتفرق بين هاتين القبيلتين، فانهم يأبون أي نوع من انواع الضيافة كالجلوس في الظل او الأكل او لقهوة فيضطر المتحاربان الي وقف المعركة والتفاوض.

وقتالهم فيما بينهم بالـ (هنجر) والـ(شوتآل) لانحناء رؤوس الأداتين، ويقال ان ذلك كي يمنعوا الطعن حتى لايكثر القتل بينهم حتى في حروبهم.

في الولادة ...

الولادة في مناطق البـڊاوِيــّـت، كما هي في البادية عامة، عن طريق الحبل، وهي طريقة مشهورة في كل المناطق الريفية، إذ يربط حبل في الشعبة الرئيسية في البيت (أُ هُـمَّـارْ) وذلك بغرض مساعدة المرأة على تحمل الألام ودفع الجنين الى أسفل، إذ انها تمسك بذلك الحبل وتجلس على سرج الجمل (باسُورْ) وتستند على امرأة أخرى وتجلس تحت قدميها امرأة ذات خبرة باعتبارها داية.

وبعد نزول الوليد وربط سرته يأتي الأب ليعمد الطفل فيؤذن في أذنه اليمنى وينطق باقامة للصلاة في أذنه اليسرى، وعند بعضهم وعند التعميد يقول الأب في أذني الوليد ما معناه كن رجلاً حامل سيف او رمح او حاملاً للدرع، كناية عن الدفاع عن الأسرة والقبيلة. بعدها يسمى الأب ناقة أو جزء منها كهبة للطفل واحتفاءاً به ويسمون ذلك (أتْفَايْ واكْ) ومعناها قطع السرة. تؤخذ التبيعة (أ هُلاسْ) من مجموعة النسوة في شكل سيرة يغنين (تُ أمْنايْ وْ أُوّرُوّكْ إمُوّمِيَكِـي) من والى شجرة عالية تربط فيها التبيعة، او بعد رميها في البحر إذا كان قريباً. أما تبيعة البنت فتدفن قرب الشعبة الخلفية من البيت كناية على رجاء استقرارها في البيت. من مراسم ذلك اليوم، وبعد ذبح الكرامة، ما يسمونه (تُأكِـيكَ) وهو التحنيك، ويقوم شخص من الأسرة يكون معروفاً بشجاعته او بكرمه او بورعه بتذوق لبن بقصد مباركته ومن ثم يعطيه للوليد قائلاً: (تَرُ تْإيَـهِيـّبْ تُرُ هَيِسَهِـيّبْ) بمعنى كن شبيهاً بي او كن احسن مني.

تكون السماية للمولود ذكراً او انثى في اليوم السابع، والأب هو الذي يسمي المولود، أما سرة المولود فانها تقع بعد مدة،فاذا كانت بنتاً فتدفن سرتها خلف البيت للدلالة على رغبتهم في مكوثها في البيت وعدم خروجها، أما سرة الولد فإما أن تدفن بالقرب من المسجد للدلالة على أن يكون الولد متدينا ورعا، أو ترمى في السيل دلالة على رغبتهم في أن يكون الوليد خيراً. وفي نفس اليوم يكون الختان للمولود إذا كان ذكراً، أما اذا كانت انثى فيتأخر ختانها، وهو الختان الفرعوني، ويفضل ختانها في يوم السبت([64]).

تضع الام مولودها الأول والثاني في بيت امها، وتظل هناك فترة تسمى (أمْنُويْـتْيَ)، وهي فترة النفاس ولا تقل عن أربعين يوماً لا يراها فيها الزوج، في نهاية الفترة تذبح كرامة ويكون الزوج قد احضر ثياباً وعطوراً واحذية لزوجته وامها، بعدها تعود الزوجة لحياتها العادية.

في التنشئة...

تغذية الطفل الى جانب لبن الام عبارة عن فرصة وسمن ولبن، والجدة هي التي تقوم باستخراج السمن من اللبن. ومن عاداتهم أن يعلق سيف مسحوب من مغمدة قليلاً فوق رأس الوليد والاحتفاظ بجرس (كِلْءُ) يدق قرب الطفل الذكر في الصبح والمساء، ويرسم على جبهة الوليد خطين متقاطعين، ويعتقد البعض أن في ذلك إشارة للصليب،غير أنهم يسمون ذلك (كيِـكْآيْ رَقَدْ) وتعني: "قدم الغراب"، منعاللمولود من الحسد.

وعندما يبلغ الطفل السادسة من عمره يرعى صغار الغنم مع غيره من الصبيان ويلعب العابهم ويجالس الرجال ويتعلم منهم الرعي والفروسية ومجالس الحكماء.

والصبي لا يدخل أماكن النساء عند بعضهم. أما البنتفتكون عند أمها تتعلم عملها وأمور النساء.

وتحلق البنت بحيث يتبقى بعض الشعر في مقدمة الرأس والبعض الاخر في المؤخرة على الجانب الأيمن وقبيل بلوغها يحلق كل الشعر فيما يسمونه (وْ أشْكُولْ) ويترك لينمو بعد ذلك. ويمشط الشعر عند البلوغ حيث تسمى البنت (شَنْداوِيايْتْ).

أما الولد ففي البداية يحلق مثل البنت، وفي سن العاشرة يحلق بحيث يترك شعر في أعلى الرأس ويترك الباقي، وعند البلوغ يحلق كل شعر الصبي ويترك بحيث يضفر بعضهم الجزء الحلفي من الشعر.

العاب الصبية:

منها ما هو معروف كلعبة (الاستغماية) والتي يسمونها: (هَمَشَيْ أنْقَلـُوّيْ) ومعناها: البعير الأعمى، والسباق العادي، والمصارعة التي يسمونها (ألُوقَ).

من هذه الالعاب ما هو خاص بالاناث ومنها ما هو خاص بالذكور، ومنها ما هو مشترك، وبعض هذه الالعاب يمارس في كل مراحل العمر.

وتلك الالعاب تكسب الفرد المهارات المختلفة مثل مهارات الفروسية كالكر والفر والالعاب الرياضية العنيفة، والعاب تكسب مهارات التركيز والتصويب على الهدف.. الخ، ومن تلك الالعاب:

(تَوّ ياسْ): وهي لعبة تتطلب القدرة على القفز لمسافات طويلة، وهي في نفس الوقت تنمي القدرة على ذلك، واللاعب فيها يقفز نحو الامام ضاماً قدميه ابتداءً من خط مرسوم على الارض الى خط اخر على مسافة منه، او بوضع عصاتين بدلاً عن ذلك، وعلى المتسابق في قفزته أن يتجاوز الخط الثاني، وتزاد المسافة بين الخطين. وعادة تتنافس على ذلك مجموعة يخرج منها فائز واحد لأنه اجتاز مسافة لم يستطع الاخرون اجتيازها.

(هلب) او (هَڊُوبابْ): وتعلم الفرد مهارة الرمي واصابة الهدف([65]) ومهارات استعمال الدرع او تفادي ما يرمى به او ما يوجه اليه من ضربات حتى بدون درع.

وتقام بين شخصين او بين مجموعتين، وتكون بحوزة كل فرد سبعة عصى، بطول متر للواحدة من شجر العشر، واحياناً اقصر حسب اعمار المتنافسين، تقف المجموعتان في مواجهة بعضهما بحيث يواجه كل فرد فرداً وعلى مسافة نحو ثلاثة امتار، ويرمي كل فرد الشخص الذي يواجهه في المجموعة الأخرى وعلى الآخر ان يتفادى الرمية.

(أنْڊُويْتْ): وهي لعبة عنيفة تكسب مهارات المراوغة والسرعة وقوة التحمل، وتلعب بين فريقين كل يدافع عن دائرة تمثل داره يمنع الاخرين من الدخول اليها، ويتحرك اللاعبون وقد ثنوا اقدامهم الى الوراء وامسك كل واحد منهم بيده المعاكسة الاصبع الكبير في القدم المرفوعة، فإذا كانت اليمين فيمسك اصبعها باليد اليسرى والعكس بالعكس.

(آتْـمِيتْ): وتكسب مهارات التصويب على هدف ثابت، وتلعبها مجموعتان بحيث يغرز عود على الارض، ومن مسافة يتفق عليها يقذفالفرد ذلك العود بحجر، والمجموعة التي ترمي العود تكون هي الفائزة، وتمارس اللعبة في كل مراحل العمر.

(تُ سِدْءِ): ويلعبونها بحفر 12، 18، 24 حفرة طوليا بعرض اربعة، ويتقابل المتنافسان، فردان او جماعتين ويملأ المتنافس الصف الاول الذي امامه بالقطع التي اختار ان يلعب بها، فاذا كانت بعراً فسيكون امامه 12 حفرة في كل منهما بعرة.. وهكذا.

يلعبون باربعة قطع من الخشب قطعت وسويت على ان يكون لون القطع مختلفاً بين وجهها وظهرها، كأن يكون الوجه مائلاً للبياض والظهر مائلاً للسواد. ويستعملون هذه القطع الاربع بدلا عن النرد (الزهر) فاذا ظهرت جميعها على وجهها الاسود يسمون ذلك (سِدْإيتْ) او (تُ هَدَلْ) أي السوداء، وهو أقيم وضع لها، واذا ظهرت جميعها على الوجه الابيض فتسمى (تُ إيـّـرَ): البيضاء.. وهكذا، فلكل وضع اسم وعدد من الحركات.

ويحرك المتنافس قطعة بموجب الشكل الذي يحصل عليه من رميه القطع الاربعة، بشرط الايبدأ تحريك قطعة الا بحصوله على وضع ثلاثة اسود وابيض ويسمون ذلك (أوّرْ): ولد. وفي تحريك اللاعب لقطعه فإنه يتخلص من قطع خصمه  (نياقة) ويسعى للوصول الى نقاط النهاية.

العاب البنات..

(كُـلْتابْ) أو (كُنْڊِبِـيتْأو كْوِنْڊِبِـيتْ):

وتلعب البنت وهي جالسة بسبعة او خمسة حجارة صغيرة على مراحل كل مرحلة باسمها، فتأخذ واحداً من الحجارة- وهي مفروشة على الارض ترميها كما اتفق- وترمي حجرها إلى أعلى، وقبل ان تمسكه بيدها مرة أخرى تتناول حجرا من الحجارة المتبقية وتضعه في يدها الاخرى، وتكرر ذلك وفي كل رمية تتناول حجراً.. إلى ان تتناول ثلاثة حجارة، وفي الحركة الأخيرة من المرحلة الاولى- واسمها (أ بِسِّمْ)- تتناول الحجارة الثلاثة المتبقية. والمرحلة الثانية يسمونها (أُ مْهَيَ) وفيها ترمي حجرا الى اعلى وتتناول بقية الحجارة بنفس الطريقة الاولى ولكنها تبدل مواقع الحجارة من يد الى يد. وتتبقى 11 مرحلة تتحدد طريقة اللعب في كل منها حسب اسمها والمرحلة العاشرة تسمى (بِـيلَ) ويشترط ان تغير اللاعبة طريقة اللعب ابتداءً بحيث ترمي حجرين الى اعلى بدلاً من حجر واحد ثم تتناول حجراً حجراً من الارض وتبدل مواقعها بحيث تتجمع الحجارة في يد واحدة.

والمرحلة الاخيرة تسمى (تَـلَّـوْ) وفيها يشترط ان تغير اللاعبة طريقة تناولها للحجرين الذين ترميهما بحيث تخطفهما من أمامها وهما في الهواء.

تِـفِدْإيتْ

وتأخذ اللعبة اسمها من صوت متكرر تصدره صبيتان اثناء المنافسة، وهو صوت اقرب الى (تفدء.. تفدء) ووضع المتنافستين يكون بالجلوس على امشاط القدمين وأطراف اليدين على الارض وتقفز الواحدة منهن على ذلك الوضع الى اعلى مصدرة ذلك الصوت.

وتقف البنات حولهن يشجعن المتنافستين يصفقن على ايقاع حركة القفز ويغنين (أو يُ أو نَـيْ تُنْقِلَتْأها.. أو راوَيْ تِيــّ ڊْهَتْ أها)والمعنى العام هو ان المغنية تنسب الى نفسها البنت المنتصرة والتي تشبهها بالثور الذي نصيبه طيب اللحم، وتشبه المهزومه بثور اخر نصيبه الفحم.والتي تتعب قبل الاخرى تعتبر هي المهزومة.

في الزواج..

يسمون الزواج (دُوّبانِ) أو (دُوّبْسانِ). ويزوجون ابناءهم وبناتهم في سن مبكرة، ومن جهة لأن تزويجهم مهمة الاباء وتجد احدهم يسأل الاخر، ألم تزوج ابنك بعد؟ ومن جهة أخرى لانهم يفتخرون بالكثرة، ولأنهم يحرصون على التزاوج داخل القبيلة او الاسره من جهة ثالثة.

والأب هو الذي يقرر تزويج ابنه، فيذهب الى والد البنت، قريبة في العادة، ويطلب ابنته لابنه، وتتم مشاورات وسط اسرة العروس، وتتم ترضية من لا يوافقون على الزواج، ويكون في الغالب من باب أن العم او العمة او الخال او الخالة لديه ولد ويريد تزويجه من البنت، بعد الموافقة يتم دفع ثوبين او ثلاثة مع ذبيحة وممن لا يستطيع بعض المال على سبيل خطبة البنت ويسمون ذلك (سِيلِيـّلْتْ) ومن معانيها الموافقة، او(آمْسَيْتْ) ومن معانيها الهبة أو منح شيء. وبذلك تتم خطبة البنت.

ويحدد الأب مواعيد الزواج، ويكرهون التزويج في شهري رمضان (تُ باسْكِ) وصفر (تُ بهايينِ) وتعني: "الشهر" الذي لا يهلونه([66]) رغم حرصهم على إهلال بقية الشهور([67]). ولا يحبون اقامة افراح الزواج في الليالي  غير المقمرة ويفضلون يومي الاحد والخميس لبداية افراح الزواج، ويرتب بعضهم حياته ومنها الزواج وفقاً للأبراج (التنجيم).

وفي ظهيرة اليوم الأول يبني منزل الزوجية مستقبلاً القبلة. تفرش البروش المراد بناء المنزل منها وتذبح فوقها ذبيحة ويفضلونها من الضأن بيضاء اللون ما امكن ويسمونها (إيّلَ هُوّبْ):حمل أبيض- فالصفة عندهم تسبق الموصوف([68]). وبعدها ترفع البروش.

(سَنْكْوابْ)، ومن اسمه يأتي اسم اليوم الأول من احتفالية الزواج إذ انه وأثناء رفع البروش تبدأ افراح الزواج فتغني النساء وتربط بعضهن، على عودين من السدر أو من جريد النخل، مجموعتين من السعف بخيوط بيضاء وسوداء مغزولة من الصوف مع بعض الزينة من السكسك والحرير والودع وسبعة بعرات، ويسمون الواحدة من هاتين الحزمتين (سَنْكْوابْ).

وعند نهاية تجهيز البيت تدور النسوة حوله سبع مرات يغنين وعلى رؤوسهن ثياب العرس أحدها مفرود، وفي نهاية الدورة السابعة تربط احدى الحزمتين في المنزل الجديد، وتأخذ النسوة الحزمة الاخرى لبيت ام العروس ومعهن الثياب حيث يربط في البيت.

وعندما يكون العريس واهله قادمين من بعيد تتم مراسم ال(سَنْكْوابْ) على جمل تحمل عليه ام العريس تبركاً او احدى قريبات العريس، ولا تكون قد طلقت من قبل وتكون قد بكرت بولد، يركب خلفها في الجمل ويسمونه (رَديفْ) صبي ويفردان على رأسيهما احد ثياب العرس و ال(سَنْكْوابْ) بيد ام العريس، ويقود الجمل رجل مسن، وحول الجمل نسوة يغنين (هَيَدايْ دُوّبَ) ومعناها العروسين الذين اختارهما أهلهما لبعضهما، ويغنين (الّلايْ لْهَـقِـيّـنا إيّنِإ دُوّبَأوّ فْرايْ وَأُوّ مْرايْ وَ)([69]) وهي دعوة بأن يهب الله العروسين البنين: (فْرايْ)والمال:(مْرايْ)، وذلك حتى منزل ام العروس، وتدور السيرة حول المنزل سبع مرات وتنزل ام العريس. ويأتي العريس ويرسم دائرة بسيفه إشارة الى المنطقة التي سيبني فيها البيت. وتأتي ام العريس او تلك المرأة ومعها الصبي فتحفر حفرة الركيزة الاساسية للببت: (رْأدايْتْ فُ) والصبي بجوارها لا يتكلمان حتى تنتهي المرأة من مهمتها ولا تتكلم تلك المرأة بعدها الا إذا اعطوها شيئاً حلو المذاق كالعجوة مثلاً. ثم يبدأ بناء البيت الجديد بحيث يكون مدخله متجهاً للقبلة. وعند نهاية بنائه يربط في مقدمته ال(سَنْكْوابْ).

تستمر الاحتفالات بقية المساء إذ تربط النسوة دف كبير عبارة عن (كوبات) وهو اناء من خشب الحراز، ملبس بجلد، ويسمون الدف:(دَلَّوكَ) أو (كَـبُّورْ) ويوضع في وسط المحتفلين ويدق عليه. ومن عاداتهم ان يرمى في الدف حصى او ما شابه ذلك باسم شخص وغالباً ما يكون امرأة، تكون عالية الصوت او تتقن الزغرودة، لاعتقادهم أن ذلك يجعل الدف أعلى صوتاً. أما الرجال فيحتفلون منفردين.

يتم عقد القران: (أوّ سَفْ): في مساء اليوم بعد صلاة العشاء على يد رجل ورع او كبير في السن إذا لم يكن هناك مأذون. يحضر والد العروس ووالد العريس او من ينوب عنهما واربعة شهود. ولا يكتبون العقد ولكن يتم اشهار الزواج. أثناء العقد يدفع العريس ما يسمونه (تَمَنَيْتْ) وهو المهر ويكون جزء منه شرعي وجزء عرفي (سِلِفْ). الشرعي ما قيمته ربع دينار وتختلف قيمته من فترة لأخرى، والشرعي منه لابد ان يدفع فوراً وأمام المأذون ومؤخر الشرعي غالباً ما يكون ناقة او نصفها يسميها العريس ويحدد الناقة المقصودة من المراح تحديداً، على ان تكون الناقة صغيرة في السن ولا تكون ولدت اكثر من مرة واحدة. ويطلب من العريس تحديد ما اذا كان يريد شراكة زوجته فاذا وافق الزوج يطلب منه دفع ما أمهر عروسه، ويسمون هذه الشراكة (مِتْلَوِيبْ).

اما المهر العرفي وفيه تأخذ ام العروس ناقة او قيمتها الحقيقية، وجمل أخر للأب ويسمى (قِرْمايْ ابِكْ كامْ): بعير مسك الرأس، وهذا يترك حسب ظروف الزوج. ويدفع من 6 الى 12 معزة او نعاج تسمى: (قَوِيتْ نْأيْ) أي:أغنام البيت أو مراح البيت، او قيمة سالف بدلاً عنها ويسمي سبعة وسبعة وسبعة من الاغنام سبعة للسيف وسبعة للدرقة وسبعة للحربة، وتكون وفقاً على معاملة الزوج لزوجته وأهلها، او قيمة سالف عنها والمراد هنا القيمة المعنوية لا المادية.

وتستمر الاحتفالات وتذبح الذبائح، وعندهم أن يعطو للضيف كبير قبيلة أخرى الحاضر للزواج ما يسمونه (قْوَدَبْ) لحم صدر الشاة تكريماً له. وقد صار الاسم مثلاً عندهم للجزء الهام من الشئ والذي هو نصيب كل شخص معتبر.

ويلبس العريس (أُ سَبِيبْ) او (أ دُوّبَ) شال احمر على رأسه ابتداءً من حضور العقد مع الملابس الجديدة، ويلبس عقد نسائي من الذهب (مِسْكَّتْ)، ويلبس في يده اليمنى سوار من الفضة (كْولِـيـّلْ) وسوارمن السعف في يده اليسرى كما يلبسه أصدقاؤه: (دُوّبايْ أرْ). ومن عاداتهم أن يحمل العريس سيفاً وان يلازمه اثنان من اصدقائه الشباب ويفضلون ان يكون احدهما متزوجاً.

ومن عاداتهم شرب القهوة (تُ جَبَنَ) كما تسمى القهوة عندهم، والجبنة عبارة عن اناء في شكل كرة ممتد منه انبوب وبه ممسك، كله من الفخار وتكون مزخرفة باشكال مرسومة عليها- وصار اسم ذلك الاناء اسما لذلك الطقس، وهو أهم طقس للضيافة عندهم. ويحتسون القهوة في فناجين صغيرة ويجلسون في شكل دائرة في احد اطرافها من يجهز القهوة، ويوزع الفناجين على الحضور وبعضهم يشربها مع السكرواخرون بدونه او مع العجوة على سبيل تحليتها. ويضعون مع البن الزنجبيل أو الهيل أو القرنفل أو الفلفل.

ويشربون أعدادا فردية من الفناجيل، ليس أقل من ثلاثة واحيانا خمسة أوسبعة.. الخ([70]).

وفي اليوم الثاني يسمونه (تَمْبِرْ) او (تَمَرْتْ) تذبح الذبائح ويدقون على ال(دَلُّوكَ) أو ال(كَـبُّورْ) مصحوبا بأغاني الفخر والفروسية مع سباق الهجن وجانب من العروض الاحتفالية الاخرى كرقص الرقبة: (كْوَيْتْ) والرقصة بالسيف والدرقة يسمونها (أدَرَيْتْ)،وهي رقصة للفروسية بها كر وفر، والقفز على ايقاع التصفيق (بِـيبُـوّبْ) مصحوبا بالربابة واحيانا تنشد النساء أثناء ذلك. ورقصة: (هُوّسْيِــيّـتْ) بالسيف والدرقة ومن معانيها اظهار قوة الرجل.

وفي المساء تغني وتعزف النسوة على الكبور في البيت الجديد ويحضرها الزوج، وبعضهم يحتفل هذه الليلة بأن تزف بعض النسوة العروس الى زوجها وهو داخل البيت مع اصدقائه وهن يغنين (آبِـيلْآبِيلَـيْهُوّ تُ دُوّبايْ) وتعني أيتها العروس تثني وتلوي في تأبيك الدخول على زوجك. وتصور الكلمات ما تفعله العروس أثناء ذلك. وبعدها يتم إدخال العروس لزوجها ليلمس جبهتها ويسمون ذلك (تَرُوّتْ تَهـْـ)- (تَرُوّتْ): تعني جبهة و(تَهـْـ): تعني لمس- وعند لمسه لجبهتها يقرأ بعض الأيات او يدعو ببعض الدعوات، ومن ثم تعاد الزوجة لمنزل امها.

وفي اليوم الثالث تذبح الذبائح وتستمر الاحتفالات وتسمى (قِرْمايْنِقُولْ) أي كشف رأس "العريس"، واحيانا يكون في اليوم الخامس. ويدخل العريس البيت الجديد حيث يخلع أصدقاؤه المنديل الأحمر من على رأسه وينزع السوار والعقد ويوضع الشحم على رأسه ويتمسح الحضور بال(وَدَكْ) وهو عبارة عن شحم مغلي يترك ليبرد حتى يتجمد،و(ضريرة) وهي تركيب من مسحوق من جزوع الشاف والصندل، وضريرة النساء يضاف اليها محلب ومسك وجوز وضفره، وبعض الروائح مخلوطة بالصندل و(فروش) وهو نوع من الاعشاب العطرة وحلبة محمصة.وبعد فترة ينزع الشحم من على رأس العريس. وفي المساء يجلس العريس وبعض اصدقائه داخل البيت الجديد وتأتي بعض النسوة ومعهن العروس بحيث يكون مربوطا حول خصرها خيط رفيع وضعيف مفتول من صوف الغنم تمسك  بطرفه احدى النسوة.

تجلس النسوة عند مدخل البيت والزوج واصدقاؤه في الداخل، ويبدأ حوار بين تلك المرأة كقائد لمجموعة العروس وتكون ذات خبرة في هذا النوع من الحوار، ويحاورها احد اصدقاء العريس ويكون ايضاً خبيراً. ويدور حوار بين المجموعتين في طابع هزلي تحاول به كل مجموعة التعرف على المجموعة الأخرى من خلال الخصائص الواردة في الحوار، ويحرص كل طرف الَّا يعرفه الطرف الاخر حتى لو أضطر ان يغير صوته، ويحاول كل طرف ان يهزم الطرف الاخر بأن يتعرف عليه من خلال الحوار. يحاول طرف الزوج استمالة النسوة ليقتربن الى مجموعتهم، وقليلاً قليلا تقترب النسوة، وتسلمه طرف الخيط المربوط في خاصرة العروس، ورويداً رويدا يحاول العريس ان يسحب كل ذلك الخيط واحيانا يتدخل المحاور من قبله ليساعده في ذلك. ولضعف الخيط وحرص النسوة على ان لا يناله العريس غالبا ما يفشل العريس في مهمته وتكسب النسوة الجولة، وحينها يلزم العريس بذبح ذبيحة في اليوم التالي وهو يوم لا ذبيحة فيه بحكم ان هذه الليلة هي الأخيرة.

وفي مساء اليوم الرابع يهدون البيت، بيت الزوجية، ويعيدون بنائه بحيث يكون مؤسساً في شكله الاخير، وبحيث يكون مدخله متجها ناحية الجنوب([71]). ويجلس العريس داخل البيت لوحده وتأتي اثنتان من النسوة تتوسطهن العروس يتحاورن فترة مع العريس حوارا عاديا وتضع النسوة يد العروس في يد العريس ويخرجن.

وعند بعضهم وفي هذه الليلة يضعون سيفا سحب قليلا من غمده عند النوم، ولا يعاشر العريس عروسه تلك الليلة. ومنذ تلك الليلة تاتي العروس الى زوجها بعد صلاة العشاء وتخرج من عنده عقب صلاة الصبح.. وعلى هذا المنوال فترة وجود الزوج اذا لم يكن مستقرا والى الوضوع لو كان مستقرا.

وعند بعضهم في اليوم الثاني سواء كان بيت ام العروس بعيدا ام قريبا تحمل البروش وثياب العروس على ظهر جمل عليه ام العريس وتتم مراسم ال(سَنْكْوابْ).

وفي اليوم الثالث تتم مراسم كشف راس العريس (قِرْمايْنِقُولْ) بحيث يذهب العريس واصحابه (دُوبايْ أرْ) بعيدا عن مكان الاحتفال ويذبحون ذبيحة ومن شحمها يغطون رأس العريس وبعد خلع المنديل السوار والعقد، ويبيتون ليلتهم هناك.

وفي مساء اليوم الرابع ياتي العريس واصدقائه الى البيت الجديد، وقتها يكون البيت خاليا من النسوة، ولا يدخل البيت الا بعد قطع خيط يكون مربوطا امامه وتكون ام العريس ليلتها ملزمة باطعام العريس واصحابه.

وفي صباح اليوم الخامس يذهب الرجال كل الى حاله عدا شخصين او ثلاثة من اصدقاء العريس، وفي المساء يتركون العريس لوحده في البيت، ويستمر العريس على هذه الحالة سبعة ليالي، وفي الليلة السابعة تاتي العروس مع مجموعة من النسوة ويدرن حول البيت سبعة دورات ينشدن، وفي الدورة السابعة تحاول النسوة الدخول الى البيت وضرب العريس الذي يحتمي باصحابه، واذا نجحن في ذلك يلزم العريس بذبيحة واذا لم ينجح يتبرع لهن بكمية من السكر والبن.

وبعد ذلك وفي اليوم التالي يغادر العريس الى بيت أبيه وهو لم يقرب عروسه قط.

وبعد سنة، وليس قبل ذلك، يرجع الى بيته، وفي المساء تأتي اثنتان من النسوة تتوسطن العروس، ويحاورن العريس، والعروس لا تتحدث بعدها يرجع النسوة ومعهن العروس.

وفي مساء اليوم التالي والعريس داخل بيته، تاتي النسوة ومعهن العروس، وبعد فترة تخرج النسوة بعد ان يضعن يد العروس في يد العريس.

الحمل:

الزوجة لا تظهر حملها ابدا، حتى لأقرب الاقربين، ربما خوف العين والحسد. وتكتشفه النسوة خاصة أمها ولا تحدثها فيه، ولكن يحرصون بعد معرفته على اداء أعمال المنزل نيابة عنها وحتى الوضوع.

الوفاة:

مراسم غسل الجنازة وتكفينها وتشييعها ودفنها اليوم مراسم اسلامية مع بعض العادات القديمة عندهم.. إذ يحرصون في بعض المناطق على غسل الجنازة بلحاء السدر، واثناء ذلك واذا كان المتوفى ذكرا تجهز النسوة قدح كبير مقلوب في طشت ملئ بالماء، ويسمون ذلك الطقس: (كَـبُّورْ)، وتدق النسوة عليه ويبكين وينثرن التراب على رؤوسهن ويعددن مناقب المتوفى. وخلال ذلك تلبس بعض النسوة، غالبا قريبات المتوفى،ملابسه ويسمون ذلك (هَبْلِ): المناحة.

وتستمر المراسم ثلاثة ايام ويسمون ذلك(مِسْتَهْــ): عزاء.واذا كان المتوفى كبير القبيلة، او في اهميته، تضاف النقارة الى المراسم، واذا كان بالمنطقة مكتب حكومي- مركز بوليس او محافظة- تذهب النساء مجتمعات اليه حاملات السيوف مسلولة ويدرن حول المبنى وقد يقتحمن المكاتب في اشارات الى ان كبير البلدة قد فارقها.

ولا يقدمون الجبنة كعادتهم، بل يقدمون الطعام للمعزين بمجرد قدومهم وبعدها يقدمون الجبنة.

الميراث عندهم اليوم ميراث اسلامي، ولقد ورد عنهم انهم كانوا يورثون ابن البنت او ابن الاخت عوضا عن ابن الصلب([72]).زوجة المتوفى لا تبارح منزلها لفترة العدة وهي اربعة اشهر وعشرة ايام، تلبس فيها ثوبا ابيضا وتنتعل نعلا قديما وخلال تلك الفترة تفترش فراشا واحدا ولا تتطيب ولا تستحم غير ايام الجمع حيث يضفر شعرها ضفائر غليظة (كيڊُوّبْ)([73]).

ومن عاداتهم الا يبكوا ولا يفرشوا على من مات مقتولا إلا ان يقتل قاتله سواء عن طريق القضاء او ثأراً. وهم يهدمون بيت المتوفي ويعيدون بنائه بعد الأربعين بعد قلب بروشه.

عاشرا: حياة البـڊاوِيــّـت

البـڊاوِيــّـتقوم من الرعاة الرحل وهم يرعون الأبل، والجمال العربية عندهم كثيرة([74])، وهم يتبعون الكلأ حيثما كان في منطقتهم،ومعيشتهم مما ينقل اليهم من ارض الحبشة وارض مصر والنوبة، وهم كالعرب قبائل وأفخاذ لكل فخذ رئيس. وكان لهم قديماً رئيس يرجع جميع رؤسائهم إلى حكمه يسكن قرية تعرف بـ (هجر)([75]).

وللبـڊاوِيــّـت في تجوالهم للرعي ثلاث رحلات، رحلة في الخريف لمنطقة جنوب خور عرب ومشرق نهر عطبرة وحول القاشوسيتيت ومداخل ارتريا وإثيوبيا وتسمى (تَـمارَ)، وفي الشتاء يتجه الرعاة إلى ساحل البحر الأحمر حيث موسم الأمطار وهناك تسمى المنطقة (قُنُبْ)، وفي الصيف يتجهون إلى أعالي الجبال وبطون الأودية في وسط منطقتهم حيث يكون الجو معتدلاً وحيث تثمر الأشجار وتخضر وتتوفر المياه في الأبار، وهي المنطقة التي يستمر استقرارهم فيها أكثر من أي منطقة أخرى خلال تجوالهم وتسمى (دامَرْ).

أثناء ترحالهم ينقلون العروس (تُ دُوّبَ) او المرأة الحديثة الزواج (قَيـي دُوّبَاتْ) في هودج (أتْفاتْ) على جمل ويزينون الهودج بريش النعام والحرير والسكسك والودع ويعلق فيه جرس ويسمى بــ (كَلَءْ) ويخصص لذلك الجمل الأكثر إلفة.

ومواشي البـڊاوِيــّـت من الأبل والغنم والضأن والأبقار التي يتركزرعيها في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية. وبعض قبائل ال(كمـيّلاب) يقتنون الجياد.

وهم يهتمون بالإبل كثيراً وهي عندهم دلالة على القوة للدرجة التي تتميز فيها العلامة التي توسم بها القبيلة إبلها رمزاً لتلك القبيلة، ويختلف الوسم الذي تضعه القبائل على أنعامها من الغنم والإبل والبقر، ويعتز البجا بإبلهم كثيراً، وكثير من أشعارهم موضوعة في الجمل.وفي ذلك دلالات على إعتزازهم برعيهم فهم شديدو التمسك به ولا يقبلون، بل ويحتقرون، أية مهنة أخرى. ورعيهم الذي يمتهنون كان يسد جل متطلباتهم.

وتنقسم مناطقهم من ناحية الرعي إلى قسمين، قسم مفتوح ترعى فيه القبائل وهي المراعي الكبيرة، والقسم الثاني في الجبال والأودية (دامر) وبعض السهول في (تمار) و(أو قنب) مقسمة إلى حيازات قبائل معلومة.

لقد تأثرت حياتهم بمجمل الظروف والمؤثرات التي سبق ذكرها من اعتناقهم الإسلام الصوفي وتأثيرات المجموعات التي وفدت للمنطقة فيهم، من عربية وغيرها، وقسوة المنطقة ورعيهم الذي يمتهنون وضعف انتشار التعليم بينهم.

ويبدو واضحاً اليوم أنهم يشعرون بأنهم مجموعة متميزة، سواء كان ذلك باعتبار اللغة او العادات والتقاليد،ويتضح أن لطبيعة حياتهم المذكورة أثر في الشخصية فهي حذرة، ومن هنا يأتي ضعف اختلاطهم بمن حولهم من المجموعات.

ومن الظواهر الدالة على ذلك أن الواحد منهم لابد وأن يحمل معه سلاحه دوماً- السيف والسكين والعصا والدرقة- فهو مستعد دائماً، بل وهم يعيبون من لا يحمل سلاحاً سواء كان منهم او من غيرهم([76]).

والتحية عندهم مميزة خاصة عند النساء وتسمى (تُ رْهَبَ)- والكلمة من رحب العربية فيما يبدو- وتبدأ التحية عندهم ب (سلام أليكم) وبالمصافحة بالأيدي التي يسمونها (تُوّ شُوّبْ) وهي طريقة التحية عند الرجال خاصة ولا يعرفون التحية بالأحضان او القبل([77])  ككثير من جيرانهم من الشعوب.

وتصافح المرأة امرأة أخرى باليد اليمنى مع وضع خد كل منهما على خد الأخرى ثلاث مرات، تبدأ بوضع الخد الأيمن على الأيمن ثم الأيسر على الأيسر وأخيراً الأيمن على الأيمن.

وبعد المصافحة للرجال وتحية النساء يدخلون فيما يسمونه (دَبَـيْ دِلْهَـيْتْ) وهي سؤال كل طرف عن حال الطرف الأخر.. ويمتد للسؤال، خاصة من المقيم للمسافر، عن الأهل صحتهم وأحوالهم، والسؤال عن المنطقة- حالة الأمطار فيها، النباتات، حالة الأنعام..الخ- بالإضافة إلى تفاصيل كثيرة حول ذلك.

ومن تلك الظواهر الدالة على  الشخصية، أنه لا يكون مباشرا في إجاباته، فإذا سئل مسافر قادم، مثلاً، عن أحوال الناس حيث قدم، ففي إجاباته لا يحدد مباشرة الأحوال كما تركها، بل يجيب في إشارات، خاصة إذا كانت الأحوال سيئة، وقليلاً قليلاً يكشف عما يريد توضيحه. فإذا كان عن شخص مريضأو توفي تكون اجابته الأولى بأن الرجل قد زاد مرضه، وإذا أراد أن يخبر عن أمطار او سيول فتكون إجابته الأولى أن هناك بعض القطرات.

ورغم كل ما يمكن أن يقال، فإن الواضح اليوم أن هناك ثمة انفتاح لهم على من حولهم من الناس، وخاصة في المدن. ذلك رغم الملاحظة الجديرة بالتسجيل والاهتمام والبحث وهي أنهم يميلون دائما للسكن في أطراف تلك المدن، وذلك لأنه بسكناه في أطراف المدن يوفق بين رغبته- أو اضطراره- للسكن في المدينة من ناحية، وبين رغبته الشديدة في الاحتفاظ بمراح صغير من بهائمه، يصعب اغتناؤه وسط المدينة، ليهدئ به حنينه العميق لرعيه وباديته.

نتيجة لقسوة طبيعة منطقتهم وقسوة مهنتهم التي يمتهنون وضعف موارد أرضهم- حتى الآن- فإن القبائل كانت على خلاف، وقد دارت بين بعضها حروب دامت سنين طويلة بسبب بئر ماء او مرعى، الأمر الذي ترك أثراً في علاقات القبائل ببعضها.وبتدخل العوامل الوافده من افكار ومعتقدات وانتماءات تعمقت تلك الخلافات لفترة طويلة، غير أن حكماؤهم سعوا في كل أوان لاقتلاع اسباب الخلافات وإيقاف الحروب بين قبائلهم، والظاهر اليوم هو أنه وبالرغم من أن هناك القليل من الحروب، وبأسباب ترسبات تاريخية في الغالب، إلا أن الملاحظ إنهم قد أحسوا بأن ذلك قد أثر فيهم سلباً مما نمي عندهم الشعور بالخطر والمصير المشترك، فيزداد تقاربهم جيلاً بعد جيل.

والفرد منهم، وكما ذكرنا، وقد طبعته حياته بقدر عاليمن الحذر، ولكنه غالباً لا يبدأ بالعداء، ولكنه صارم وعنيف، وفي دواخله كوامن الثأر تثيرها بوادر الاستفزاز والعداء.

يوم في حياتهم:

يسكن البـڊاوِيــّـت أرضهم الشاسعة في مضارب بحيث تقيم كل أسرة مسكنها بالقرب من بقية مساكن العائلة الكبيرة، وتتجمع عائلات القبيلة في منطقة واحده، ويفضلون السكني على مسافة من البئر في المنطقة لأن البئر تطرقها الاقدام الغريبة والقريبة.

تشرق الشمس على البـڊاوِيــّـت في مضاربهم وتكون الحياة وقتها قد دبت في ربوعهم منذ وقت طويل إذ يستيقظون في الصباح الباكر. وبعد أن يؤدي كل صاحب فرض صلاته، فإن أول أصوات تسمع في هدأتهم تلك هي أصوات الفنادق يدق فيها البن وأصوات صغار الماعز والضأن، وترى النار موقدة هنا وهناك امام المنازل.

وبعد شرب الجبنه تبدأ العين تمييز الأشياء على اطلالة الشعاع الاول للشمس.ويبدأ تجهيز الإفطار. ومن بقايا نار الجبنة يوقد الحطب لتجهيز العصيدة، وتحلب البهائم ومن ثم تطلق صغارها لترضع.ويتحلقون حول اقداح العصيدة- وهي من الذرة او الدخن- للرجال حلقة وللنساء حلقة أخرى، ويغرفون من الأقداح بأكفهم ثم يرشفونها فيما يسمونه: (ڊُوبْتِ).

بعد الافطار تطلق السخلان والحملان ويأخذها الصبية، اولاد وبنات، للمرعى بالقرب من المضارب، وهناك تترك لتأكل من العشب، والصبية يقضون وقتهم في اللعب مع رعايتهم لها وحرصهم الا تتسرب أياً منها بعيداً عن القطيع.

ويأخذ الرجل بقية المراح، وقد يكون راكباً جمله، ويذهب به بعيداً حيث المرعي، ويقضي نهاره هناك تحت شجرة بين شرب الجبنة التي يجهزها بنفسه، فهو يحمل عدتها معه دائماً، وربما تناولها معه راع أخر او عابر سبيل، وبين عزفة الناي: (أمْبِيلْهُوّيْتْ) او الطمبور: (بَسَنْكُ). وأحياناً يغفو في نومة خفيفة يكون مشغولاً أثناءها بمراحه ويستيقظ بين الفينة والأخرى بحيث يبادر بفض اشتباكات بعضها او بمساعدة احداها اذا جرى لها شئ، ويعيد التي تذهب بعيداً. ويحمي مراحه من كل خطر حتى لو استدعى ذلك أن يستعمل سلاحه.

وتقضي النسوة بقية النهار في أعمالهن المنزلية من طحن للذرة وجلب الماء من البئر إذا لم يكن ثمة فتى او رجل يقوم بذلك، واستخراج السمن من اللبن، وشرب القهوة ورمي الودع وتجهيز الغداء في انتظار العائدين.

ويعود الصبية بصغارهم بعد الظهر حيث يتناولون الغداء. وحوالي العصر، وقبل عودة الرجال تربط السخلان حتى لا ترضع أمهاتها عند عودتها قبل حلبها.

وتلتئم الأسرة بعودة الرجال حيث يتناولون الغداء. وحوالي العصر، يقومون بعدها فيشربون الجبنة.

ويختلف موعد حلب البهائم عند رعاة الإبل (إ مِشْأرِ) عن رعاة الغنم: (إ ياتِـيقَ) الذين يقومون لحلب البهائم بعد المغرب، تترك الصغار المعتمدة على امهاتها لترضع ويطلق الباقي للرضاعة بعد الحلب وحتى تأفل نجمة في الأفق الغربي يسمونها (تُ أبابْ هاكْوْلِ)- حيث أن (تُ) هي أداة التعريف، و(أباب) جمع (أب) وتعني عتود، و(هاكْوِلِ) تصغير (هاكْوِرِ)- معناها التي تربط، والعبارة معناها: التي تربط العتان، وفي العبارة مضمر وهو النجمة فيكون المعنى العام هو: النجمة التي تربط السخلان، او النجمة التي يربط عند غيابها العتان.

أما رعاة الابل وعند عودتها من المرعى فيبركونها حتى يتجمع اللبن في ضروعها: (هُـ أمْڊِ) وعندها تحن الابل: (أُ نْأتِ) فتصدر أصواتاً :(هُـ أرِّيتِ) فيتم حلبها على مرحلتين، الاولى بعد المغرب عند غياب نجمة المشترى: (شْآمْڊِ) او (أمڊُويتْ هَـيُـوكْ) و(هَـيُـوكْ) تعني نجم، و(أمڊُويتْ) تعني تجمع اللبن في الضرع: (تُ دِقَتْ)، فـ(أمڊُويتْ هَـيُـوكْ) ستعني: النجم الذي يجمع اللبن في الضروع، او الذي يكون اللبن قد تجمع في الضروع عند غروبه، والحلب الثاني متأخر عن ذلك بعد ترك الابل ليتجمع اللبن في ضروعها مرة أخرى.

ويجهز العشاء، وبعد تناوله، وما لم تكن هناك مناسبة او ضيوف يخلدون الى النوم مبكرين بعد العشاء.

حادي عشر: مساكنهم

يتخذ البـڊاوِيــّـت بيوتهم من البروش وشمال الصوف وعيدان السدر والسيال. يبني البيت على ثلاث ركائز (هُـمَّـرْ) بأطوال مختلفة على شكل أقواس حيث تسند كل منها على شعبة (فُ- فُوّتْ) أمامية وأخرى وسطى والثالثة في الخلف وتسمى (رْأدايْتْ فُ). التي توضع في الوسط تكون أطولها وأقواها حيث تتوسط قوسين من الركيزتين الأخريين، وبعضهم يعارض هذه الركائز الثلاث بعارضات أخف، وتدق أربعة أوتاد (قَسَنِ) تشد عليها البروش التي يختلف عددها من بيت لأخر، فأكبرها هو البيت الذي يستعمل في بناءه سبعة بروش: (بأڊَ) طول الواحد منها 12 ذراع، وتوضع الشملة تحت البرش بغرض التدفئة وحجز ماء المطر، وتوضع شملة كخلفية للبيت، وأخرى لتفصل بين الداخل، سرير النوم (تَرَنــيّبْ)، وبين الجزء الخارجي من البيت (تِـيّـفُ). (تَرَنِ) عبارة عن حصير (تْهَسِيرْ) ويصنع بتسوية أحجام من جريد النخل وربطها ببعضها بحبال مصنوعة من جلد الجمل (قُلُوّتْ) بحيث تصبح الحصيرة ناعمة الملمس، وبحيث تصير كالبرش قابلة للطي والحمل. تفرش فوق مروق يتحدد عددهم حسب حجم البيت أقلها أربعة، يحمل كل مرق وتدان بطول ذراع، وتفرش فوق الحصير فرشة مصنوعة من الجريد المقطع الرفيع (بأدِ- بأدِيبْ)، أو من عدة ثياب مستعملة مخيطة في بعضها على شكل لحاف (دِلإكْ) او يفرش ب(هُلِسْ) وهو عبارة عن منسوج من خيوط مغزولة من الصوف توضع طولياً وتنسج عليه بالعرض خيوط مغزولة من الثياب القديمة وبألوان مختلفة. وما يوضع تحت الرأس (تُومْبْاسْ) تصنع من الجلد المحشو بنبات زكي الرائحة. ويثبت في الـ(تَرَنِـيّبْ) برش مزين يسمى (مَشَكِـيـّتْ) من الجهة الأمامية بحيث يغطى أسفله. للزينة في المنزل تستعمل قطعة من السعف مزخرفة بالشعر والحرير والودع بأشكال جميلة وتسمى (تُ ساكْوِ) وتكون في أعلى وسط المنزل تحتها قطعتان من الثوب مخيطتان في بعضهما لونين مختلفين كزينة ويسمونها (تُ هَبَرَ) بحيث تحرك عند الدخول والخروج.

بالمنزل وقرب ال(تَرَنِـيّبْ) توضع في أحد جانبيه عارضة تسمى (رْهَلْ) او (قِرِفْ) على شعب تسمى (كُـوّتِ) توضع على هذه العارضة الأشياء الثمينة التي تحفظ في جراب جلدي كبير يسمى (مِسْوَدْ) وأخرى في الجانب الآخر لتوضع عليها الأغراض الخفيفة والأدوات المنزلية. الجزء الأمامي من المنزل (تِيفُ)- الحرم- يستعمل للجلوس وشرب الجبنة ويفرش بما يتيسر من برش (بأڊْ)أو (هُلِسْ) او (بْأدِيبْ) وما يوضع تحت الرأس هنا (أ مِتْـرْأسْ) عبارة عن قطعة خشبية منحوتة بشكل يريح الرأس.

ومن عادتهم أن يكون تصرف الرجل في الجانب الأيمن منه (مَـيْ قْوَدْ) حيث يضع ما يخصه من الأشياء وينام فيه. ويكون تصرف المرأة في الجانب الأيسر من البيت (تَرَهْقْوَدْ).

ويضاف مبنى صغير او أثنان حسب حالة الأسرة ويبني خارج المنزل من العيدان كمضيفة يسمى (اللـِّـيـّكَ) ويعرش بلحاء الشجر (أتْفَ) أو بالقش أو القصب. وجدير بالذكر أن المنازل في حالة الرحيل الغالبة على حياتهم تكون أصغر حجماً وأخف أثاثاً، وإن بناء تلك البيوت هو عمل النساء.

ثاني عشر: أدواتهم المنزلية

يصنعون أدواتهم المنزلية من الفخار والأخشاب والحجارة ومن منسوجات السعف والصوف والجلود. فالمرحاكة (تُـوّ رْيَ) وحجرها (تِيـّـوَلابْ) يصنعونهما من الحجارة، وكذلك يد الفندق (كُـوّتَنَ). ومشعل يشعلون به النار لإنعدام الكبريت يسمونه (تِنادْ)، ويستعملون ثلاثة حجارة أثافي (دَقِـيّـناتْ) يضعون عليها إناء الطبخ (تُـوّ وْءَ) ومن الفخار يصنعونها، ومنه يصنعون الجبنه وموقدها والمبخر (تُـوّتْفَ)، والأباريق واناء العجين (كَلْهُـوّتْ) واناء البليلة (كَلِـيوْتْ)، والأزيار: (دِوَنْ) وواحدها (دِوَانْ). ومن الجلود يصنعون القرب (إسَرَ) وواحدها (سَرْ)، وفرشة للدقيق أثناء الطحن (مَمَر)، و(تُ هَوَتْ) للسمن واللبن،و(هَلْبَتِ) للسمن والعسل، والدلو (تُ درْكْـوَ) والجراب (نَفِيـّتْ) و(مِسْوَدْ) وهو جراب كبير، و(ايـّ نِيسْ) وهي مساند سرج الجمل، و(تُ مِبْرَرْ) وترمى على رقبة الجمل عند ركوبه، وللزينة عند ركوب الجمل (تُ هَيْفُ)، وحزام شد السرج على الجمل (قَارَتِيتْ). ويزينون رأس الجمل بــ (هَسَكاتْ)، و(تُ أرْسِ) للفرش فوق سرج الجمل تصنع من جلد كثيف الصوف. ويصنعون من الجلود الأحذية وغمد السيف (تُ بَرْشَمْ) وجفير السكين (يَقْ)، ويصنعون منالجلود (أهَبَ) وهو حزام كبير يلبسه الرجل يضع فيه الخنجر أوال(سُوّتْـآل) او (شُوّتْـآل) ويصنع منها (كَمـَـرْ)لحفظ النقود، وتحفظ النسوة النقود في (تُ كِيسَ) وهي من الجلد، كما تصنع المصلايات من الجلد. ومن الأخشاب يصنعون قدح يسمونه(كُـوّباتْ)، ومنه نوع كبير للضيوف يسمى (أُسْ)، والفندق (فنْـتِكْوْ)،وسرجالجمل (إيـّكُور)، وسرج الحمار (تيـِـّكُوّلْ) والسلوكه (شّلُّـوكْ)، والملاعق الصغيرة (مْأوّيْتْ)، لأكل البليلة والكبيرة (مْأُوي). و(تُ مْهَرَقْ) لهز أغصان الشجر لإسقاط ثمارالأشجار: (هايْتْ) لغذا سوامهم، ومن الخشب يصنعون مقبض الخنجر (أدٍيرْ)، وينسجون من السعف البروش الكبيرة (بْـأڊْ- للجمع:بْـأڊَ)([78]) وأخرى صغيرة (أتَنْ-للجمع: أتَنِيـّتْ). ويصنعون أواني الحليب (أمُولْتْ) و(كَفَلْ). و(تارْ- للجمع: تَـرْ) لنظافة الذرة، و(أُنَوَرْ): حبل الدلو، والمصلاية (سِيلِـيلَنَـايْتْ- للجمع:سِيلِـيلَنَـيْتْ)، و(تـَڊُ) قيد الجمل وقد يكون من الجلد.

ومن الصوف ينسجون الشمال، وانواع الحبال ومقود الجمل (هَسالْ) و(أُ نَوَرْ) حبل الدلو، و(يَيْتْ) وهي حبال لتثبيت البيت ولاستعمالات أخرى, وجراب (تُـوّبِشْ)، و(تُ أُرارَ) للذرة أو الدخن ومخالي تحمل على الجمل (مُكْلات) مزخرفة تتدلى على الجانب الأيسر.

ثالث عشر: أسلحتهم

ويسمونها: (تِـيّـنَ) وهي تسمية بها كناية وتحاشي لذكر اسم السلاح مباشرة كتعبير مألوف بينهم، ومعنى (تِـيّـنَ) هو: الأشياء. وأسلحتهم هي السيوف والرماح والدرق والخناجر والعصى وتشتهر عندهم أربعة يسمونها (تِـيّـنَ تِ فَڊِق) وهي السيف والدرقة والرمح والعصى([79]).

السيوف: (مأڊَّ) وواحدها (ماڊَڊْ) والاسم من معنى القسمة، و(ماڊَڊْ) معناه: قاسم. وتختلف أسماء السيف عندهم حسب طوله وحسب الطريقة التي يسن بها.منها سيف (ماڊَڊْ) مستقيم مقبضه من الخشب الملبس بالجلد مزين بالفضة والحرير ويسمونه (أُوّكارْ) ويوسم بعلامة في جريدته،وجريدته أثقل وأسن. و(أُ سليمانِ) وعليه ختم سليمان وهو عبارة عن نجمة خماسية او سداسية وهو سيف طويل جريدته أخف ويكون سنيناً، و(إيـّـرابْ نْأفِـيـّبْ) ويرسم عليه شكلان على هيئة هلالين وبداخلهما نجمتان ويكون اقصر قليلاً. و(مِتَكْوَرِ) او (مِجَكْوَرِ) وهو اقرب للسليمان يرسم عليه أسد او نقارة او شكل اقرب للأصلة، وعند بعضهم يسمونه (دامْشَءْ) وهو أقرب للسيف العربي.

الرماح:ويسمونها: (فِنَ)، والاسم دلالة عندهم على الحرب. منها رمح حديدي يسمي (تُنْدِيتْـيايْ) إذ يأخذ اسمه من المادة التي صنع منها:(ديت) وتعني: حديد أو قطعة حديد. وتختلف أطواله. وأخر يسمى (هِنْدِيايْ)أو(جِسْرِيايْ) او (يِسْرِيايْ) ويكون من الخشب رأسه حديدية مدبدبة([80]).

الدرق:(قُبِــيّـبْ). وهي دائرية مصنوعة من الجلد مع بروز في الوسط يلبس بالحديد. وهي ثلاثة أنواع (كُرْبـِـــيايْ) وهي سميكة واثقل وكانت تصنع من جلد الفيل حيث أخذت اسمها من اسمه: (كُرِبْ)، (داشْكابْ) وتصنع من جلد التمساح. و(تُإيسِنْـتِـيايْ) ويعتقد انه من جلد فرس البحر، حيث أخذ اسمها من اسمه: (إيسِنْ)، وتكون اكبر حجما من الاخريات وتكون مشعرة. وآخر يسمونه (أقَبايايْ).

العصى:(كُـوّلَـيْ)- للجمع:(كُـوّلَـيَ) أو (كُـوّلَـيَاتْ). ومنها نوع ضخم وطويل منحني الرأس يسمونه (كوليت) ومنها (رَبَكُـوّلَـيْ) او (لُـوّكَـيْ) ويكون ضخما وطويلا ومستقيماً من شجر السلم (دَلاوْ) او من شجر ينبت عندهم في الجبال يسمونه (لشم) او (أُوّنْهــِـ) وهي عصى لا تكسرها السيوف. و(بِـلْبِلْ) وهو مقوس وقصير وتسن أطرافه وتكون مدبدبة، ويصنع من شجر السلم.

الخنجر:(هِنْجَرْ)- للجمع:(هِنْجَرَ). وهي ثلاثة أنواع: (هِنْجَرْ) وهو بمقبض خشبي من الأبنوس. ويكون محني الرأس، و(هُوسْتْ) وهو أقل ميلاناً من المستقيم. (سُوّتْـآل) او(شُوّتْـآل) ويكون ضخم الرأس مثنياً، وال(هِنْجَرْ) أكبر من ال(هُوسْتْ).

رابع عشر: حرفهم

وهم بادية ورعاة يرعون الإبل والماعز والضأن، والبقر في جنوب منطقتهم. ويمارس بعضهم قليلاً من الزراعة المطرية في بطون الأودية، كما يمارسون بعض الحرف الصغيرة من صناعات جلدية ونسج السعف والصوف وتمارسها غالباً النساء والصناعات الفخارية وصناعة السكاكين والسيوف والدرق. ويبيعون اللبن وبعض منتجاته كالسمن في المدن، ولعلهم (الشعب الوحيد في التاريخ الذي سكن شاطئ البحر ولم يشتغل بالملاحة الا قليلا)([81]). وهم حتى لا يعرفون العوم ولا يأكلون السمك.

خامس عشر: العلاقات داخل الأسرة

أعضاء الأسرة مترابطون خاصة الزوج والزوجة فكلاهما يقدر الأخر ويقدم له الكثير ولكن ذلك يتم في استحياء ودون اعلان او اقرار او طلب. والرجل لا يأكل أمام حماته وهي كذلك.

وتستشار المرأة في أمور منزلها والامور الحياتية الأخرى وخاصة المسنة كعميدة الأسرة.

وهم أحن على ولد البنت او الاخت، وقيل انه كان "انساب البجا من ناحية النساء"([82]).

ولكن واقع الحال الان ان البـڊاوِيــّـتيورثون ميراثا اسلامياً. غير ان الجديربالملاحظة والبحث هو انهم لا يفضلون، بل ويتحاشون توريث الارض للبنت. ثم ان العلامات التي يوسمون بها ابلهم حتى الان غالبا ما تكون لجهة الام. فال(هَمَدْأُوّرابْ)، مثلا، وهم فرع من البشاريين يوسمون نياقهم بوسم يسمونه (كَنْـفَرِيبْ) وهو اصلا علامة والدة ال(هَمَدْأُوّرابْ) من قبيلة ال (قْوِيلَـيْ) والتي توشم بنفس الوشم، وهي من قبائل (الأتْمَنْ). وقبيلة ال(همداب) من البشاريين توشم بوشم يسمى (شانِيتْ) وهو اصلا وشم امهم الكبرى وهي من ال(هَڊَنْڊِوَ).

واذا كانت تلك العلامات وسيلة للعترف على سوامهم كأن تتوه في ارضهم الواسعة فتعرف اينما ظهرت لأية قبيلة تتبع، ومن ثم تتناقل الاخبار ذلك مما يمكن صاحبها من استعادتها، وإلى ذلك فان العلامة المعينة هي رمز للقبيلة، وقد يسمى أحدهم علامة قبيلته وهو يعني القبيلة.ف(تُ أرَجَ) تعني قبيلة الأشراف، و(تُ هَبْـشِ) تعني قبيلة الأمارأر، و(كُـلـِّـيتْ) تعني قبيلة الهَڊَنْڊِوَ.. وهكذا.

وعلاماتهم هي:

هَڊَنْڊِوَ: (شانِيتْ) وهي خط قرب الأذن، و(كُـلـِّـيتْ) : دائرة وتكون على الخد الأيمن للجمل، و(تِرِقْ): هلال، ويكون على الجانب الأيمن من الرأس.

امارأر: أهم علاماتهم (هَبْـشِيتْ) وهي خط يرسم طوليا تحت العين اليمنى للجمل.

 أتمن: من علاماتهم (هلال): وهو خط بين العينين ويرسم على أنف الناقة. (كنفريب) وهو خط فوق الشفة العليا للجمل.

مَلْـهِيتْ كِنابْ: أهم علاماتهم (قِنُوفْ).

هَلَـنْقَ:أهم علاماتهم (مْهَلَّقْ): عبارة عن بقعة دائرية سوداء على خد الجمل.

أبابد: من علاماتهم (أشَّابْ): خط ذو رأسين على رأس الجمل.

بشارِ([83]): بشاريين، ومن علاماتهم (أنڊَاڊْتْ): وهي فوق ركبة الجمل اليمنى.

كميلاب: وأهم علاماتهم (هَسالْ): مقود الجمل، خط طويل على رقبة الجمل من الخلف.

أرتيق: من علاماتهم (مِتـْـرَق): وهي خط طويل في نهاية رقبة الجمل.

الاشراف: وأهم علاماتهم (أرَجاتْ): وهي على شكل حرف(Z)على فـخد الجمل الخلفية اليمنى([84]).

سادس عشر: أدويتهم البلدية

في ترحالهم في منطقتهم غالباُ ما يكونوا بعيدين من مناطق المستشفيات فيضطرون للتداوي بالأدوية البلدية، ولقد تراكمت عندهم تجارب في ذلك. ومنهم من تخصص في هذا النوع من العلاج كقبيلة ال(هامْدابْ) من ال(هَڊَنْڊِوَ) ويعتمدون في ذلك على عسل النحل والسمن والكي بالنار وبعض الأعشاب التي تنبت في أرضهم.

فعلى سبيل المثال فهم يداوون الجروح بتسخين ال(ودك) ودلقه حاراً على الجرح الكبير وذلك يمنع توالد الجراثيم ومن ثم يلتئم الجرح. ويضعون بعض الاعشاب مسحوقة على الجروح الصغيرة. الفكك: (فِرُورْءَ) يداوونهبكي المفاصل، ويجبرون الكسر بربط جبائر عليه، ويداوون الصداع المستديم بنوع من الاعشاب يربطونها في الرأس. أما العيون فعند احمرارها نتيجة لحرارة الشمس فيفصد الصدغ. وللإحمرار الناتج عن الاصابة يبل الرشاد: (سَنْفابْ) ويضعونه حول العين، ولعلاج الرمد: (قْوْإيـّد) يقطر عسل النحل في العين.

وكذلك يداوى بال(سَنْفابْ) الخراج او الحبن: (أنَبْ). ويداوون السعال الديكي- الكتكوت: (هُلْتْ) بلبن الحمير وكي الصدر، كما يكوون بالنار لالتهاب الصدر: (لَقاقْ)، ويداوون ألم فم المعدة إذ يجسه ويحصره الخبير بأصبعه ومن ثم يكوون المكان. ويقسمون الم الطحال الى قسمين داخلي: (هُوّتْـيّبْ) وخلفي (سَرَدْتِـيّبْ) ويكوون حول مكان الالم اذا كان داخليا او خلفيا.

وآلام البطن تعالج بالعسل وسمن الغنم وبعض الاعشاب والكي، كما يكوون لآلام المغص الكلوي. ولعلاج حبس البول يجلس المريض في اناء كبير ملئ بالسمن الغنمي. وتعالج آلام الظهر بالكي وببعض عروق الأشجار وبالمليلة، ويداوون مرض يسمى (كَسَرِ) يصيب السلسلة الفقرية بالكي في كل فقرة، والقطايع والدبس بالدلك، ويداوون الحصبة: (بَتْهـَ) بأن يعزلوا المريض ويبخر بالقرض وبعر الجمال ويشممونه القطران: (تِكْرانْ)، ويدهنون البثور برغوة لبن البقر بعد الحلب مباشرة، ويسحق السمسم ويلطخ به المكان مع الزيت. ويداوون اليرقان: (أُ هُرار) بعزل المريض من تيار الهواء ما أمكن، ويكوونه في الرسغ والعضد والكتف وأعلى الرأس. ويعزلون مريض الزهري: (هِلِق) ويداوونه ببعض الأعشاب مع منعه من الملح. ويداوون السكري (كليت) في بداياته بلبن الإبل التي تكون قد رعت نوعا من النبات يسمونه: (هـُ أُرارْ) أو (أدَلْ فَدْ)، وينبت في موسم الخريف. ويداوون سرطان الجلد (سِنْدِرْ) ببعض الأعشاب والعروق التي تربط في المريض.

ويداوون لدغة العقرب والثعبان بالفصد (فِدْءْ) في موقع الاصابة ومن ثم تربط في المصاب بعض العروق. وبعضهم يعاهد الحيات والعقارب فلا يؤذيها ولا تأذيه. وبعضعهم يداوي لدغة العقرب بوضع نوع حجارة على الموضع، ومنهم من يداوي بالرقي والحجابات من بعض الأمراض العضوية والنفسية ومن مس الجان.

الزار

يعتقد بعضهم في الزار، ويسمونه (إجارْ)، خاصة النساء. ويلجأون لبعض الشيوخ لتحديد المرض والعلاج الذي يتم على هيئة محفل تدق فيه (دلوكَ/ جلوكَ) علىايقاعات مختلفة حسب اختلاف المرض او العلاج وتسمى (وَدِّيـّـقِنايْ) او (مَقْرَبِ): مغربي، او (هَبَشِ): حبشي([85]).

سابع عشر: أعراف البجا

المقصود بالعرف في الفهم العام شئ واسع، والمقصود به هنا هو ما تعارف عليه البـڊاوِيــّـت في معاملاتهم فيما بينهم، وما توافقوا عليه واتخذوه قانونا يقوم على أسس أخلاقية يتبناها الفرد ومنذ نشأته، ويسمونه: (سِلِفْ).

فهم مشهود لهم بالكرم والشجاعة، وهم متشددون في التزامهم بعهودهم ويسمون العهد (قَلَدْ) ويوفي احدهم حتى بعهد قاتل اخيه ويمهله المدة التي يطلبها، وغالبا ما تكون سبعة ايام، بغرض ان تأتي قبيلة القاتل لحل الاشكال عن طريق العرف: (سِلِفْ) والذي تحل به الغالبية العظمى من مشاكلهم، وهي في الارض والمياه (الابار) والانعام والنساء. والسالف مهمة كبراء القبائل ويعتمدون فيه على الحكمة والخبرة بعادات الناس.

وفي أنساق علاقاتهم، فردية وجماعية ما يسمونه (يايْ هَمادْ) والمعنى المباشر للعبارة هو: لوم وشكر.. إلا أن مضمونه أشمل واوسع من ذلك، فهو اتفاق ضمني فيما بينهم ذو قيمة وحجية ملزمة، إذ انه وبمجرد احساس طرف ما بأن طرفا اخر قد تظلم منه يسعى الطرف المدعي عليه،وبشكل يكاد يكون تلقائيا، الى استرضاء الطرف المدعي، وان ظلت"المطلبة بالحق" بيد امر المدعي يمكنه المطالبة به عبر عرفهم.

واساس ذلك هو حرصهم الشديد على الحفاظ على المودة فيما بينهم، وخرق ذلك الاتفاق او التعدي على مضامينه يؤدي يصاحبه الى دائرة العيب وموقع الإدانة مما يرتب عليه جزاءات معنوية ومادية، تبدأ بحتمية استرضاء صاحب الحق ما أمكن وبكل الوسائل، وتصل الي تعويضات مادية حسب كل حالة.

اما فيما يستوجب القصاص، الجروح والاصابات، فيتم تقييم الإصابة فيها فيما يسمونه (بُوّيْ واكْ) وتحل مشاكل ذلك بالتعويض المادي بقدر التقييم الذي تم للإصابة.

وقد تتدخل قبيلة الشخص المدعي عليه بالحق للوفاء بحق المدعي سواء كان استرضاءاً او بتحمل المادي في الحق عنه في حالة اعساره.

وفي اطار مفهوم الشهامة عندهم: (دُورْأرِيـّـتْ)([86]) تتشابك منافعهم وتتكامل امكانيتهم وجهودهم لمواجهة ظروف حياتهم القاسية، ويظهر ذلك جلياً في بعض انساق علاقاتهم للحصول علي الحيوانات من بعضهم، ولمختلف الأسباب، الأمر الذي ينتج ترابطاً واحساسا بالانتماء فيما بينهم.

من ذلك مايسمونه (لْهَـقِـيـّـنْ) وهو تبرعات الأهل والأصدقاء بأنواع الحيوانات للزوج حديث الزواج مما يمكن من امتلاك مراح يسد مختلف احتياجات الاسرة الجديدة.

(تَيـْت): وهي نقل ملكية البهائم علي سبيل الهبة الأمر الذي ينتج حميمية متينة بين الواهب والموهوب له.

(دَنْقَيْتْ): وهي استعارة الحيوانات للاستفادة من البانها عند انقطاع لبن بهائمه، عند اعشارها مثلاً، ومن ثم اعادتها الي صاحبها عندما تحل ازمة المقترض.

(يَهْمُوتْ): وهي استعارة الحيوانات للانتفاع بمنتجاتها.

 

 

 

 

 

 

القاهرة-سبتمبر 1998

اعداد:

*الحسن محمد حاج                    * طاهر عيسى ارك

*محمد أدروب محمد                              * محمد علي أداب (محمددين)

*طاهر حامد هبناي                  * أوشيك موسي عيسى



([1]) تاريخ السودان لنعوم شقير، طبع دار الجيل بيروت 1981، تحقيق دكتور محمد إبراهيم أبو سليم، صفحة (79).

([2]) المصدر السابقصفحة (79).

([3])يرد عن سترابو (54 ق.م - 23 م) عن التروقلودايت انهم (سكنوا الصحراء الشرقية فكان حدهم الشمالي برنيس "رأس بناس" والغربي النيل- تاريخ السودان لنعوم شقير صفحة (42).

([4]) تاريخ السودان لنعوم شقير، صفحة (9).

([5])المصدر السابق، صفحة (79).

([6]) المصدر السابق.

([7]) إدريس إبراهيم جميل-جريدة "الخرطوم"، مايو 1997- سلسلة مقالات "شذرات من تاريخ البجا".

([8]) راجع ورقتنا: إتيمولوجي الاسم: بجا.

([9]) محمد صالح ضرار- تاريخ شرق السودان، ممالك البجا، طبع دار الاتحاد العربي للطباعة- الجزء الاول،صفحة (37).

([10]) من مقالة عبد اللطيف رحمة الله جبارة، جريدة الخرطوم 14/7/1996.

([11]) يقول الأستاذ/إدريس إبراهيم جميل، وبحق، (إنك لا تجد من الناس العوام من يقول لك أنه من البجة إذا سألته عن قبيلته)- سلسلة مقالات "شذرات من تاريخ البجا"- مصدر سابق.

([12])وفي اللغة صوت ضم طويل ممال للفتح كما في العبارة: (دُوّفْ) بمعنى: قطعة لحم. وإذا نطقنا الحركة على الدال في العبارة: (دُوّفْ) بضم بمد وبدون إمالة: (دُوفْ) فإن المعنى سيتغير إلى: "عَرَقْ".وللتمييز بين الصوتين حين الكتابة إخترنا أن نضع الضم على الدال البادئة للعبارة (دُوفْ)، وأن نضع "شدة وحدانية"، شدة بدون علامة أخرى معها، من فتحة أو ضمة أو كسرة، على الواو- المد- التالي للدال: (دُوّفْ).

([13])وقد وصف هيرودتس (484- 425 ق م) أهل المنطقة أو من أسماهم بالأثيوبيينبأنهم (كبار الأبدان)- تاريخ السودان، صفحة (51).

([14]) من مشروع (JUSHWA 2000) وهو مشروع لتمسيح البجا والبني عامر.. وعنوانه على الانترنت https://joshuaproject.net

([15]) العروبة والاسلام بالقرن الافريقي صفحة (29)– محمد سعيد ناود.

([16]) المصدر السابق صفحة (37)

([17]) المصدر السابق.

([18]) المصدر السابق.

([19])محمد عثمان أبوبكر- كتاب تاريخ ارتريا المعاصر، قدم له يونان لبيب– الطبعة الاولى 1994م- صفحة (47) .

([20]) المصدر السابق.

([21]) المصدر السابق.

([22]) المصدر السابق.

([23]) المصدر السابق.

([24]) تاريخ السودان- مصدر سابق، صفحة (79).

([25]) المصدر السابق صفحة (80).

([26])محمد صالح ضرار- تاريخ شرق السودان، مصدر سابق، صفحة (36).

([27]) من مقالة للدكتور حسن ابو عائشة– جريدة الخرطوم بتاريخ 12/9/1996م.

([28]) تاريخ السودان– مصدر سابق صفحة (90)

([29]) لعله من الضروري توضيح أن المقصود بالاسم (هدندوة) من الناحية الاجتماعية هو قبيلة واحدة من قبائل البڊاويّت الأساسية- وليس كل القبائل، وكثيرون يقولون (هدندوة) ويقصدون كل البڊاويت او ال"بجا".

من الناحية اللغوية: الملاحظ أن الكثيرون يكتبون الاسم (هَدنْدِوة) وربما نطقوه كذلك، وهذا، فيما نرى، "خطأ شائع" لنطق وكتابة الاسم؛ فالاسم مركب من ثلاثة مقاطع هي: (هَڊَ) و(نْ) و(ڊِوَ) حيث أن (هَڊَ) تعني: أسد او اسود جمعا، و(ڊِوَ) تعني: عشيرة او أهل. والقيمة الفعلية لصوت الواو في آخر الاسم (هَڊَنْڊِوَ) هي الفتحة القصيرة.

وقد عرفنا معنى(هَڊَ) ومعنى (ڊِوَ)، فما هي القيمة، من ناحية المعنى، التي ستضيفها النون الواردة في وسط العبارة؟

والآن لنأتي لنقاش حرف النون في وسط التركيبة (هَڊَنْڊِوَ) ودلالاته.

من أساليب البڊاويت- اللغة- ومن أدواتها في التعبير "نون" تستعمل للكثير من الأغراض، فهناك "نون" تستعمل للشيئية و"نون" تستعمل للكثرة .. الخ. ولتوضيح ذلك نورد التالي:

تقول: (هَدَلَ ڊِوَ رِهَنْ) وتعني: رأيت أناسا سودا، حيث أن (هَدَلَ)- بفتح آخره- صفة للجمع تعني سود. ولكنك تقول: (هَدَلَـنْ ڊِوَ رِهَنْ) بايراد نون ساكنة بعد (هَدَلَ)، ويتحول المعنى الى: رأيت أناسا شديدي السواد، وما تمت إضافته إلى الجملة الأولى من ناحية الحروف هو "نون" ساكنة: (هَدَلَ) تحولت الى: (هَدَلَـنْ)، ولكن المعنى قد تحول من: " أناس سود" إلى " أناس شديدي السواد"، وعليه فان الدلالة على الكثرة قد نتجت بدخول النون.

وتقول: (أشْأرَ ڊِوَ رِهَنْ) ومعناها: رأيت أناسا شجعان، حيث أن (أشْأرَ) صفة بمعنى: شجاع للمفرد أو شجعان للجمع. ولكنك تقول: (أشْأرَنْ ڊِوَ رِهَنْ)- بإضافة نون ساكنة لصفة الجمع- غير أن المعنى سيكون: رأيت أناسا غاية الشجاعة، فالنون الساكنة- لاحظ أنها لا تدخل في العبارة إذا تعلق الأمر باسم مفرد- قد أضافت معنى "الكثرة" في الشجاعة.

وعليه ففي: (هَڊَنْڊِوَ) فالنون نون كثرة- فيكون معنى العبارة: (هَڊَنْڊِوَ) هو: عشيرة كثيرة الاستئساد، أو عشيرة كثيرة الشبه بالأسد.

ويتضح الآن أن صوت الواو في آخر الاسم (هَڊَنْڊِوَ) إذا احتمل صوت هاء كزيادة في نطق الفتحة عليه، فانه لن يحتمل صوت تاء بحال.

([30]) أنظر الموسوعة البريطانية(Encyclopedia Britannica)، المجلد الثاني صفحة (53).

([31]) أنظر: (VIX) Major Language of The World - The Webster Encyclopedic Dictionary

([32]) محمد الامين شريف: دراسة  حول اللغة البجاوية، من كتاب: قصائد من الشرق صفحة (116)، من سلسلة التراث الادبي لاتحاد ادباء شرق السودان.

([33]) تاريخ السودان – مصدر سابق صفحة (48)

([34]) من مقالة الدكتور حسن ابو عاشة- مصدر سابق.

([35]) أنظر العدد الثاني من إصدارة (بداويت) أدوات التعريف.

([36]) أنظر كيف يكتب الأستاذ/ محمد أدروب أوهاج الاسم: (TIBDAWYI)، راجع كتابه "من تاريخ البجا" صفحة (11). وفي دراسة روبر 1928م- E.M. Roper، والذي وضع فيها قاموس (بداويت/ إنجليزي)، والتي سماها (Tu Bedawie) نلاحظ أنه قد أورد اداة التعريف مضمومة (TU)، وانه قد فصل أداة التعريف عن الاسم الذي عرفته حين الكتابة: (Tu Bedawie).

([37])حين الكتابة رأينا أن نفرق بين أداة التعريف والاسم الذي تعرفه إذ لا شك في أن الأداة شيء والاسم شيء آخر، فهمامختلفان من حيث الدلالة ومن حيث الأداء، ثم أن اللغة نفسها تعرف التفريق بين الاسم وأداة تعريفه، وان ذلك يحدث فيها في بعض الصيغ- راجع إصدارة (بداويت) أدوات التعريف.

([38]) ويرجع الاستاذ /محمد أدروب أوهاج ذلك إلى أن القبائل التي لا تدغم الحروف إنما هي قبائل حديثة على اللغة ، والحديث على  لغة ما، وفي تعلمه لتلك اللغة، فإنه لا يدغم- من كتاب (من تاريخ البجا)- مصدر سابق (23).

([39])البني عامر من حيث اللغة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام. فمجموعة تتحدث التقرِ ولا تتحدثالبـڊاوِيــّـت. ومجموعة تتحدث البـڊاوِيــّـت ولا تتحدث التقرِ، ومجموعة تتحدث التقرِ والبـڊاوِيــّـت.

([40]) كتاب (مدخل الى نحو اللغات السامية المقارن) تأليف سباتينو موسكاني واخرين- الطبعة الاولى، دار الكتب- بيروت،صفحة (32).

([41]) ابو الفدا في تاريخه عن ابن سعيد- تاريخ السودان- مصدر سابق صفحة (79).

([42]) المقريزي – تاريخ السودان صفحة (80)

([43]) المقريزي، المصدر السابق صفحة (81).

([44]) المصدر السابق.

([45]) هيرودتس- العروبة والاسلام صفحة (37).

([46]) تاريخ السودان مصدر سابق صفحة (81).

([47]) تاريخ السودان،المقريزي- مصدر سابق (ص92).

([48]) أبو الفدا عن إبن سعيد- تاريخ السودان- مصدر سابق (ص79).

([49])العروبة والاسلام- مصدر سابق (ص37).

([50]) الموسوعة البريطانية، مصدر سابق صفحة (53).

([51]) كتاب: العروبة والاسلام، مصدر سابق (صفحة 30).

([52]) المصدر السابق (صفحة 31).

([53]) المصدر السابق (صفحة 42).

([54]) محمد عثمان أبو بكر، كتابتاريخ اريتريا المعاصر، مصدر سابق صفحة 50.

([55]) تاريخ السودان- مصدر سابق صفحة 42.

([56]) العروبة والاسلام، مصدر سابق صفحة 42.

([57]) كتاب: العروبة والاسلام، مصدر سابق صفحة 42.

([58]) ويوافق القزويني وإبن الوردي والمقريزي أبا الفدا في ذلك- انظر "تاريخ السودان"- مصدر سابق، صفحات (79) و(82).

([59]) دكتور جعفر مرغني، مفالة "المعربات السودانية". مجلة "حروف" العدد (2-3) مزدوج 1991.

([60]) إبن الوردي- "تاريخ السودان"- مصدر سابق (صفحة 83).

([61]) ويرد (اصبحت بلاد اثيوبيا كلها تدين بالنصرانية إلا البجة في الصحراء الشرقية فإنهم بقوا على الوثنية)- "تاريخ السودان"، (صفحة 41).

([62])الصوت المكرر في العبارة (تَتْ) صوت شبيه في نطقه بصوت التاء، التوائي النطق أو مرتجع- “retroflex”،وينطق بوضعك طرف اللسان على اللثة ووراء الأسنان مباشرة، أوبثنيك طرف اللسان أو بضغطه في ذلك الموضع. وليتم التفريق بينه وبين صوت التاء العادي اخترنا أن نكتبه على شكل التاءولكن النقطتان فيه فوق بعضهما: (ٺ)وليستا متجاورتين (ت). فالعبارة "ٺَٺْ" تعني: اطراف أو فروع كما وضحنا، والعبارة (ٺَٺْ)- بتركيب بحرف بالتاء "العادي"- تعني: قمل جمعا. وواضح أن المعنى سيتغير إن لم نمييز بين الصوتين حين الكتابة.

([63]) ويرد عن التروقلودايت انهم (كانوا (يحترمون المسنات من النساء كل الاحترام حتى انهم اذا كانوا في اشد قتالهم ودخلت بينهم امرأة مسنة تركوا سلاحهم وكفوا عن القتال)-سترابو (54 - 24 ق م) تاريخ السودان لنعوم شقير، صفحة (50).

([64]) يعتقد بأن تفضيلهم لختان الأنثى في يوم السبت ذو علاقه بنطقهم لإسم ذلك اليوم. فهم ينطقونه (سَبْ) بحيث يكون الفم في وضع انفتاح مع نطق السين ثم ينغلق في نطق الباء، ويعتقدون أن تلك ستكون حالة الجرح: انفتاح ثم إنغلاق.

([65]) ذكر هيرودتس (406 ق. م) انه (كان للأثيوبيين ولا سيما سكان الصحراء الشرقية مهارات في رمي النبال فقلما كانوا يخطئون الغرض، وكانوا يمرنون أولادهم منذ الصغر على ذلك حتى كانوا لا يسمحون لهم بتناول الطعام إلا إذا ابوا الغرض)- "تاريخ السودان"- صفحة (51)

([66]) إهلال الشهر عندهم هو أنهم، وعند رؤية هلال كل شهر، يقول الواحد منهم (لُـوّلْ هِـلَّ) وهو تعبير بالفرحة بقدوم شهر جديد، ثم يطلب العفو ممن حوله خاصة الأهل، ويدعو لمن حوله بأن يحيا ليرى اهلاله القادم، بخاصة أهلة الأعياد والصيام- أي عام آخر: (دايِ رِهُـوّ سِنِينا وْ هَرْبابُـوّ). وذلك عدا شهر صفر- الشهر الثاني من السنة- الذي لا يهلونه، والذي يسمونه: (تُ بِهايِينِ) وتعني: التي لا يهلونها.

([67]) ويعتقد بأن ذلك متعلق عندهم بموقعة كربلاء ووذكرى مقتل الحسين بن علي.

([68]) على غير ما في العربية من حيث تركيب الجملة، حيث الصفة تتبع الموصوف، في البـڊاوِيــّـت الصفة تسبق الموصوف. (إيّلَ هُوّبْ) تعنيحمل أبيض- تحديدا: أبيض حمل.

([69]) تستعمل الواو للإضافة في اللغة.وعلى غير ما في العربية، يوردون واو الاضافة حتى بعد الاسم الأخير. فإذا رأيت محمد وعلي وفاطمة، مثلا، فستقول: (هُمَّـدْ وَ ألي وَ فاتنا وَ رِهَنْ) حيث تورد واو الإضافة بعد الاسم الأخير.. (رِهَنْ): فعل الماضي للمفرد، مذكر ومؤنث، بمعنى: رأيت.

([70]) ولا يفضلون شرب فنجان واحد، ويعتقدون انه إذا شربت فنجانا واحدا وغادرت فإنك ستتوه، وإذا شربت فنجانين وغادرت فإنك سترجع. وأن الفنجان الثالث يفك طريقك.

([71]) ويعتقد بأن وضع البيت بحيث يكون مدخله لناحية الجنوب ذو علاقة بمناخ المنطقة الذي تسود فيه الرياح الشمالية. وذلك تفاديا أن يواجه مدخل البيت أتجاه الرياح.

([72])المقريزي- كتاب: تاريخ السودان- مصدر سابق (ص81).

([73])الكلمة تركيب بالحرف الشبيه بالدال.

([74]) المقريزي "تاريخ السودان"- مصدر سابق، صفحة (81). ويقول الكاتب والبرلماني السابق مبروك مبارك سليم ان الرشايدة قد جلبوا الإبلة من تهامة ونجد والحجاز عند استقرارهم في صحراء البجا عام 1872م- كتاب "الرشايدة طنايا عبس بين اليوم وأمس) صفحات (155- 156).

([75]) المقريزي "تاريخ السودان"- مصدر سابق، صفحة (80).

([76]) وتلك العادة قد سببت لهم الكثير من المشاكل مع السلطات، حيث تمنع تلك السلطات حمل السلاح في المدن الأمر الذي خلق حساسية جمة وحواجز نفسية بينهم وبين تلك السلطات.

([77]) يبدو أنهم قديما لم يعرفوا "القُبلة". بدليل الاسم: (أُ فْأُتِ) الذي يعني: الشم. ويسمون حركة التقبيل: (هُـوّيْ فْأُتِ) والعبارة تعني: الشم فيه. و(هُـوّيْ فْأُنْ) تعني: قد قبلته/ قبلتها. ويستعملون عبارة: (أُمَّـا) غالبا عند تقبيل طفل. و(سلامت) عند ملامسة النساء لبعضهن بخدودهن عند التحية،

([78]) لاحظ أن الاسم المفرد ساكن الآخر: (بْأڊْ) قد وردت صيغة الجمع منه بتحويل السكون على آخره إلى فتح:(بْأڊَ). وهذه إحدى صيغ الجمع والافراد في البـڊاوِيــّـت، أي تحويل الاسم المفرد إلى جمع، والتي تتم بتبديل السكون على الاسم ساكن الآخر إلى فتح.

([79])من المعروف تاريخيا أنهم كانوا يستعملون الأقواس والسهام، ولكنه سلاح انسحب من حياتهم الان.

([80])يقول المقريزي أن صناع هذه الحراب كانوا من النساء – تاريخ السودان صفحة (82)

([81]) محمد عثمان ابوبكر– تاريخ اريتريا المعاصر صفحة (46).

([82]) المقريزي– تاريخ السودان صفحة (81). ويرد عن إبن بطوطة قوله "ان البجه يقولون ان ولادة إبن الأخت وإبن البنت أصح. وأن يكون من زوجها أو من غيره فهو ولدها على أي حال"- العروبة والاسلام، مصدر سابق صفحة 38.

([83])ويقول الاستاذ محمد عثمان ابوبكر عن البشاريين انهم (قبائل عربية نزحت الى المنطقة بعد انتشار الاسلام ، وليس  لها علاقة بالبجة من حيث اللغة والعادات والتاريخ) – تاريخ اريتريا المعاصر ص (48).

([84]) لم نتعرف علامات بقية القبائل.

([85])تصورات الخطر والمرضفي مجتمع الهَدنْدِوَالأبوي المسلم في شرق السودان تشمل مجموعة من المعتقدات في العين الشريرة: (لِيلِيتْ)، والأرواح أو الجن: (جانْتايِيبْ)، والأمراض الغامضة، التي تكمن تفسيراتها في البناء الاجتماعي "للأجنبي" الوافد وتهديدها "للإنجاب والرفاهية الاجتماعية"- من دراسة الانثروبولوجية دكتورة آمال حسان فضل الله أستاذة الدراسات الآفروأمريكية والأفريقية ودراسات المرأة في جامعة متشيغان. الدراسة صدرت في كتاب بعنوان: "استبطان الشرف،الخصوبة، والغربة، والتكاثر في شرق السودان".

([86]) (دُورْأرِيـّـتْ)- (دُورَ): عم أو خال، (أرِيـّـتْ): بنوة. العبارة في معناها العام دلالة على الانتماء، وخصصت الدلالة لعلاقة أبناء العومة والخُؤُولة.

11445 تعليقات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة